أي: لم يقدِّم على الجواب ولم يهمل أمرها فبقي مدغماً، وأشار بقوله:«وقور» إلى أنه إنما أدغم لما فيه من الوقار، و «تيماً» إن شئت جعلته من تيَّمَه الحب فيكون الكتمان والإخفاء والإدغام قد سرَّ من تيَّمَه الحب، وإن جعلته اسم قبيلة كان الفاصل الوقور المذكور أبا بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- لأنه [تيمي](١)، وفي هذا البيت شيءٌ عجيب، وهو أنَّ حمزة -رضي الله عنه- أيضاً تيميٌّ وهو المراد بقوله:«فاضل» فهذا من غاية اللطافة أي: أدغم جميعها الكسائي، وأدغم حمزة عند الثاء، والسين، والتاء.
٣ - وبَلْ في النِّسَاِ خَلاَّدُهُمْ بخلافِهِ … وفي هَلْ تَرَى الإدْغَامُ حُبَّ وحُمِّلا
«وبل» إضراب ثانٍ معطوف على الإضراب الأول أي: وأضرب في النساء عن نساء الدنيا وانحرف إلى النساء المذكورات، خلادهم أي: دائمهم يعني تيماً بخلافه إن أعدت الهاء على الإضراب فالمعنى أخذاً بخلافه، وإن أعدتها على دائمهم فالمعنى أضرب بخلافه لهن ولهواه فيهن، وفي هل ترى الإدغام أي: ياأيها المخاطب هل ترى؟ فإن رأيت فالإدغام أحبُّ.
وأراد أنَّ لخلادٍ وجهين في لام بل في النساء وهو قوله تعالى:{بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِم}(٢)، واختار الحافظ أبو عمروٍ الإدغام بعد تصحيحه الوجهين (٣).
(١) مابين المعقوفتين سقط من الأصل. (٢) الآية (١٥٥) من سورة النساء. (٣) قال ابن الجزري: وقال خلفٌ عن سليم أنه كان يقرأ عليه بالإظهار فيجيزه وبالإدغام فلا يرده. قال - القائل ابن الجزري -: «وهذا صريح في ثبوت الوجهين جميعاً عن حمزة إلا أنَّ المشهور عند أهل الأداء عنه الإظهار». (النشر في القراءات العشر ٢/ ٧)