بالنصب؛ وأشار بذلك إلى أنَّ هذه القراءة مرضيَّة/ قد عمَّ رضاها، أو عمَّت مرضيةً لأنه عطفُ المغسول على المغسول ولم يمنع ما فصل بينهما معترضاً كما قال:{اليوم أُحِلَّ لَكُمْ الطّيبَات}(١)، ثم قال بعد الجملة. المعترضة {والمحصنات}(٢) فجاء معطوفاً على الطيبات.
ومَنْ قرأ بالجر فهو عطفٌ على الرؤوس والغَسْل مُضمرٌ كأنه قال: وأرجلِكم غَسْلاً.
وقيل: لمَّا كان غَسْلُ الأرجل بصبِّ الماء فهي مَظِنَّةٌ الإسراف، وهو منهيٌّ عنه مذموم فعطفت على الممسوح لا لتُمْسَحَ ولكن ليُنَبِّهَ على وجوب الاقتصاد في صبِّ الماء عليها.
وقوله:{إلى الكَعْبَيْنِ}(٣) دالٌ على الغُسل لأنَّ [المسح](٤) لم يُجْعَل له حدٌّ؛ وقال الشافعي رحمه الله: أراد بالنصب قوماً، وبالجر آخرين؛ يعني أنهما نزلتا من السماء، فأفادت إحداهما وجوب الغسل، وأفادت الأخرى المسح على الخفين؛ ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في القراءتين المختلفتين:«هكذا أنزلت هكذا أنزلت»(٥)؛ فهذا يؤيد ما ذهب إليه الشافعي.
(١) الآية ٥ من سورة المائدة. (٢) الآية ٢٤ من سورة النساء. (٣) الآية ٦ من سورة المائدة. (٤) في (ش) [الغسل]. (٥) صحيح البخاري فضائل القرآن/ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ١/ ٢٢٤.