الفرَّاء (١) ذهب بالياء إلى الإخبار عن المشركين في مخاطبة اليهود، لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ظهر يوم بدرٍ قالت اليهود: هذا هو النبي الذي لاتُردُّ رايته، فلمَّا ظهر المشركون يوم أحدٍ رجعوا وكذبوا وأظهروا السُّرور، فقال الله تعالى:{قُلْ للذِين كَفَرُوا}(٢) أي: لليهود سيغلبون ويحشرون يعني المشركين، وقال بذلك أيضاً أحمد بن يحيى.
وقال آخرون: الياء والتاء [واحدٌ](٣) وهذا كما تقول: قل لزيدٍ: إنه ذاهبٌ وإنك ذاهبٌ، وقد قال تعالى:{قُلْ للذين كَفَرُوا إن ينْتَهُوا}(٤)، واحتجَّ أبو عمرو بن العلاء لما اختاره بأنَّ بعدها {قد كَان لَكُمْ}(٥).
«ويرون الغيبُ خُصَّ» أي: خصَّ المقاتلين في سبيل الله تعالى، وخلل بمعنى خص أيضاً يقال: عمَّ بدعوته، وخلل أي: عمَّ وخص قال الشاعر (٦):
أبلغ كلاباً وخلل في سراتهم … ..............
وقال آخر (٧):
بني مالك أعني بسعد بن مالك … أعمُّ بخير صالحٍ واخلل
(١) معاني القرآن ١/ ١٩١. (٢) الآية ١٢ من سورة آل عمران. (٣) مابين المعقوفتين سقط من (ع). (٤) الآية ٣٨ من سورة الأنفال. (٥) الآية ١٣ من سورة آل عمران. (٦) البيت لأفنون التغلبي وتتمته: «أنَّ الفؤاد انطوى منهم على دَخَن». انظر: لسان العرب (خلل) / ٣٢٩. (٧) البيت لأوس انظر: لسان العرب (خلل) / ٣٢٩.