ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً}[الحديد: ٢٧].
ولم أقف على من فسر الرحمة هنا بمعنى الرقة، والصحيح في معنى الرحمة هنا هو المودة؛ ويؤكد هذا أن كثيرا من المفسرين يفسرون الرحمة هنا بآية الفتح وهو قوله تعالى:{وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩]، ومنهم: ابن الجوزي، والبغوي، والزَّمخشري، وأبو السعود (١)، وبهذا يتبين عود هذا المثال إلى الوجه الخامس عشر: وهو المودة.
الوجه الثالث عشر: المغفرة.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ٥٤]. وشهد له حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي غلبت غضبي»(٢).
وقال به من المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٣).
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذ التفسير بالمقارب.
الوجه الرابع عشر: السعة.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة: ١٧٨].
ومعنى كلام السلف يدل عليه كقول ابن عباس:«ورحمة: مما كان على بني إسرائيل من تحريم الدية»، ونحوه عن قتادة (٤).
ومن المفسرين: البغوي، والزَّمخشري، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٥).
(١) زاد المسير ص ١٤٠١. معالم التنزيل ص ١٢٨٠. الكشاف ٤/ ٤٧٩. إرشاد العقل السليم ٨/ ٢١٣. (٢) أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، باب ماجاء في قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد} ٣/ ١١٦٦، برقم ٧١١٥). (٣) جامع البيان ٧/ ٢٦١. معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٢٥٣. معاني القرآن للنحاس ٢/ ٤٣١. معالم التنزيل ٤٢٢. الكشاف ٢/ ٢٩. الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٢٨. البحر المحيط ٤/ ٥٢٨. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٢٥. (٤) جامع البيان ٢/ ١٤٦. (٥) معالم التنزيل ٨٧. الكشاف ١/ ٢٤٨. الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٦٤. البحر المحيط ٢/ ١٢٥. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٤٣٠.