«روي عن ابن عباس رضي اللَّه عنه أنه قال: الخزي: الإهانة. وقال ابن السكيت: خَزِي يَخْزَى خِزْياً: إذا وقع في بَليَّة (٥). وقال الزَّجَّاج: المُخزَى في اللغة: المُذلُّ المحقُورُ بأمرٍ قد لزمه بحجة، يقال: أخْزَيتَهُ أي: ألزمته حُجَّةً أذللتُه بها (١).
وقال ابن فارس: معنى الخزي: الإبعادُ والمقت. وخَزِي الرجل: استحيى خِزَاية، فهو خَزْيان (٢).
[وذكر أهل التفسير أن الخزي في القرآن على أربعة أوجه]
أحدها: الذل والهوان. ومنه قوله تعالى في آل عمران:{رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}[آل عمران: ١٩٢]، وفي يونس:{كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[يونس: ٩٨]، وفي النحل:{الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ}[النحل: ٢٧]، وفي الحشر:{وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}[الحشر: ٥].
والثاني: الفضيحة. ومنه قوله تعالى في هود:{وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي}[هود: ٧٨]، وفي الحجر:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ}[الحجر: ٦٩].
والثالث: العذاب. ومنه قوله تعالى في هود:{وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ}[هود: ٦٦]، وفي الشعراء:{وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}[الشعراء: ٨٧]، وفي الزمر:{فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الزمر: ٢٦]، وفي التحريم:{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ}[التحريم: ٨].
والرابع: القتل والجلاء. ومنه قوله تعالى في البقرة:{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[البقرة: ٨٥]، أراد القتل والجلاء لبني قريظة والنضير وهم يهود المدينة. وفي الحج:{لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}[الحج: ٩]، وهو النضر بن الحارث، وخزيه كان القتل ببدر». (٣)
[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]
الوجه الأول: الذل والهوان.
(١) معاني القرآن وإعرابه ١/ ٥٠٠. (٢) مجمل اللغة ١/ ٢٨٧.وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٢٤٤، ومقاييس اللغة ص ٢٩٦، والمحكم والمحيط الأعظم ٢/ ٢٤٨. (٣) نزهة الأعين النواضر ص ٢٧٤.