ومع رد أهل اللغة تفسير الجزء بالبنات؛ فإن التفسير السياقي للآية يصدقه ويثبته ومن طرق التفسير بالماثور تفسير القرآن بالقرآن؛ وقد قال الله تعالى في الآية بعدها مباشرة: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ} الزخرف: ١٦]، وقال في النحل:
{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} [النحل: ٥٧].
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الاية، ومأخذه السياق القرآني.
[نتيجة الدراسة]
[تحصل من تلك الدراسة صحة الوجهين وهما]
الوجه الأول: بعض الشيء. ودل عليه قوله تعالى: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} [البقرة: ٢٦٠].
الوجه الثاني: الولد. ودل عليه قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: ١٥]، ومأخذه السياق القرآني، ومأخذ الوجهين السياق القرآني.
[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة الجناح]
[باب الجناح]
قال ابن الجوزي:
«الأصل في الجناح: أنه العضو الذي يطير به الطائر. قال ابن فارس: وسمي جناحا الطائر لميلهما في شقيه، ومنه يقال: جنح إذا مال، والجُناح: الإثم لميله عن طريق الحق (١).
[وذكر أهل التفسير أن الجناح في القرآن على وجهين]
أحدهما: جناح الطائر. ومنه قوله تعالى في الأنعام: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨]، وفي فاطر:
{أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ} [فاطر: ١].
والثاني: الجانب ومنه قوله تعالى في الحجر: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: ٨٨]، وفي بني إسرائيل:
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الاسراء: ٢٤]، وفي الشعراء:
{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٢١٥]. (٢)
(١) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ١٥٨. مقاييس اللغة ٢٠٩. والمحكم والمحيط الأعظم ٣/ ٨٧.
(٢) نزهة الأعين النواظر ص ٢٣٠