والثامن: الأكل. ومنه قوله تعالى في سورة البقرة:{وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}[البقرة: ٣٥].
والتاسع: الدخول في الصلاة. ومنه قوله تعالى في سورة النساء:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}[النساء: ٤٣].
والعاشر: المجاورة. ومنه قوله تعالى في الرعد:{أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ}[الرعد: ٣١]، أي: تجاورهم» (١).
[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]
الوجه الأول: الجماع.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢].
وشهد له حديث أنس:«أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة: ٢٢٢] .. إلى آخر الآية .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اصنعوا كل شيء إلا النكاح؛ فبلغ ذلك اليهود؛ فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه. فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننا أن قد وجد عليهما؛ فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما»(٢).
وقال به من السلف: مجاهد، وعكرمة (٣).
ومن المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٤).
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز أن يكون مأخذه سبب النزول.
(١) نزهة الأعين النواظر ص ٤٩٧. (٢) أخرجه مسلم ١/ ٢٤٦، برقم ٣٠٢. (٣) جامع البيان ٢/ ٥١٠. (٤) جامع البيان ١٥/ ٥١٠. معاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٩٧. معالم التنزيل ١٢٦. الكشاف ١/ ٢٩٢. المحرر الوجيز ١/ ٢٩٩. الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٥٩. البحر المحيط ٢/ ٤٢٤. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٥١٩.