{وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} يعني زيادة؛ فإن كلمات الله لا تنفد، وفي هذا نص صريح على إثبات كلام الله - عز وجل - وكلمات الله - عز وجل - كونية وشرعية؛ أما الشرعية فهو ما أوحاه إلى رسله، وأما الكونية فهو ما قضى به قدَرَه {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢]، وكل شيء بإرادته، إذا فهو يقول لكل شيءٍ {كُنْ فَيَكُونُ} ومن الكلمات الشرعية ما أوحاه - عز وجل - إلى من دون الرسل، كالكلمات التي أوحاها إلى آدم فإن آدم - عليه السلام - نبي وليس برسول، وقد أمره الله ونهاه، والأمر والنهي كلمات شرعية» (١). وهذا القول قد أشار إليه ابن الجوزي بعد ذكره للوجه.
وبهذا يكون هذا الوجه: صفة الكلام لله تعالى على ما يليق بجلاله، ويكون مأخذه وصف الله تعالى بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الخامس: الدين.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[الأنعام: ١١٥].
ولم أقف على من فسر الكلمات هنا بالدين، والذي يظهر من السياق أن المراد القرآن؛ قال تعالى:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}[الأنعام: ١١٢ - ١١٤]، ثم قال:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[الأنعام:
١١٥].
وقال به من السلف قتادة (٢).
وقال السعدي: «أي صدقا في الإخبار وعدلا في الأمر والنهي، فلا أصدق من أخبار الله التي
(١) تفسير القرآن الكريم سورة الكهف ص ١٥٠. وللاستزادة من كلام أئمة أهل السنة على صفة الكلام ينظر: منهاج السنة ٣/ ٣٥٩. الفتاوى ١٧/ ١٥٧ لابن تيمية. معارج القبول ١/ ٢٤٧. تيسير الكريم الرحمن ص ٦٥١. المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات للمغراوي، القسم الرابع ص ٣٨. (٢) جامع البيان ٨/ ١٤.