[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي.]
الوجه الأول: الموضع.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} [هود: ٩٣].
ولم أقف على من قال به من السلف والمفسرين.
وفي الآية قول آخر وهو: أن المكانة هنا بمعنى الناحية والطريقة.
وقال به ابن عباس (١).
وقال به من المفسرين: ابن جرير، والزَّمخشري، وابن كثير (٢).
ولفظ المكانة ليس هو لفظ الباب، فالباب المكان وما في الآية المكانة، وبينهما فرق، قال أبو هلال العسكري:
«الفرق بين المكان والمكانةِ، أن المَكانةَ الطريقة، يقال: هو يعمل على مكانته، ومَكِيْنَتِهِ، أيْ على طريقته، ومنه قوله تعالى:
{اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} [هود: ٩٣].
والمَكان (مَفْعَل) من (يكونُ) ويكون مصدراً وموضعاً». (٣)
ويتبين مما تقدم أن المعنى الصحيح للمكانة هنا، أنها الطريقة، ومأخذه السياق القرآني.
الوجه الثاني: الصنيع.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: ٧٧].
وقال به من المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان (٤).
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه، ومأخذه السياق القرآني.
(١) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٨.
(٢) جامع البيان ١٢/ ١٣٥. الكشاف ٢/ ٣٩٩. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٥٥٣.
(٣) الفروق اللغوية ص ٣٤٧. وأبو هلال: الحسن بن عبد الله بن سهل أبو هلال العسكري الأديب اللغوي له مصنفات جليلة منها (كتاب الأوائل) و (كتاب الصناعتين) و (كتاب التلخيص) في اللغة جليل على اختصاره سنة ٤٠٠ هـ (معجم الأدباء ٣/ ٢٨٨. البلغة ٨٧).
(٤) جامع البيان ١٣/ ٤٢. معاني القرآن وإعرابه ٣/ ١٢٣. معاني القرآن للنحاس ٣/ ٤٥٠. معالم التنزيل ٦٥٧. الكشاف ٢/ ٤٦٤. المحرر الوجيز ٣/ ٣٦٧. الجامع لأحكام القرآن ٩/ ١٥٧.