الفصل الثالث: الكلمات القرآنية الواردة على أربعة أوجه. وفيه ثلاثة عشر مبحثا:
[المبحث الأول: دراسة وجوه الكلمات القرآنية الواردة على حرف الباء. وفيه مطلبان]
[المطلب الأول: دراسة وجوه كلمة البحر]
[باب البحر]
قال ابن الجوزي:
«البحر: اسم للماء الغزير الواسع، وسمي بحراً لاتساعه، ويقال: فرس بحر، إذا كان واسع الجري، ومن ذلك قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: " وإن وجدناه لبحراً " (١).
والماء البحر: الملح. ويقال أبحر الماء إذا ملح، قال نصيب:
وقد عاد ماء الأرض بحراً فزادني إلى مرضي أن أبحرَ المشربُ العذبُ (٢)
والباحر الرجل الأحمق. وقال الأموي: البحرة: البلدة (٣).
يقال هذه بحرتنا، أي: بلدتنا.
[وذكر بعض المفسرين أن البحر في القرآن على أربعة أوجه]
أحدها: البحر المعروف في الأرض، ومنه قوله تعالى في الكهف: {حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} [الكهف: ٦٠]، وفي الدخان: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} [الدخان: ٢٤].
والثاني: البحر الماء العذب والمالح، ومنه قوله تعالى في سورة الرحمن: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: ١٩].
والثالث: بحر تحت العرش، ومنه قوله تعالى في الطور: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: ٦].
والرابع: العامر من البلاد، ومنه قوله تعالى في الروم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الروم: ٤١].
(١) أخرجه البخاري (كتاب الرهن، باب من استعار من الناس الفرس ٢/ ٩٢٦، برقم ٢٣٠٧) من حديث أنس.
(٢) البيت في ديوانه ص ٦٦. ومعناه أن ماء الأرض صار مالحا فزاد مرضه مرضا.
ونصيب: هو نصيب بن رباح شاعر أموي من الموالي، كاتبه سيده وأتى عبد العزيز بن مروان ومدحه فأجازه واشترى ولاءه ومات سنة ١٠٨ هـ (طبقات فحول الشعراء ٢/ ٦٧٥. والشعر والشعراء ١/ ٤١٠).
(٣) نقله عنه ابن فارس في مجمل اللغة ص ١١٧. والأموي هو: عبد الله بن سعيد الأموي اللغوي نقل عنه أبو عبيدة (البلغة ١٢٤).