[الوجه الثامن: البناء.]
[ومثل له ابن الجوزي بثلاث آيات]
الآية الأولى: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا} [التوبة: ١٠٧]. ويصح هذا الوجه إذا أريد بالاتخاذ الجعل الذي هو العمل لا الجعل الذي هو التصيير.
فيكون من قولهم: عمل مسجدا؛ أي بناه وعمل ثوبا؛ أي خاطه، وعليه يدل كلام العكبري المتقدم،
الآية الثانية: قوله تعالى: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: ٢١].
وقال السمرقندي، والواحدي، وابن عثيمين: «لنجعلن عليهم مسجدا» (١)، وهي جعل بمعنى عمل فيصح فيه الوجه.
الآية الثالثة: قوله تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: ١٢٩].
ومعنى كلام السلف يدل عليه؛ كقول مجاهد: «قصور مشيدة وبنيان مخلدة» (٢).
ومن المفسرين: أبو حيان؛ قال: «بمعنى عمل أي يعملون مصانع أي يبتنون» (٣).
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيات، ومأخذه التفسير باللازم لأن من لوازم اتخاذ وعمل المصانع البناء.
الوجه التاسع: الرضا.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: ٩].
لم أقف على من فسر الاتخاذ هنا بالرضا، والذي قال به ابن جرير وابن كثير: «أن معنى الاتخاذ هنا التفويض التام لله تعالى (٤) والإخلاص له» (٥).
ويكون هذا الوجه صحيحا من حيث اللزوم لأن من لوازم اتخاذ الله تعالى وكيلا الرضا به وبقدره.
الوجه العاشر: العصر.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧].
(١) تفسير السمرقندي ٢/ ٣٣٩. الوجيز ٢/ ٦٥٧. تفسير القرآن الكريم، سورة الكهف ص ٤١ واللفظ له.
(٢) جامع البيان ١٩/ ١١٣.
(٣) البحر المحيط ٨/ ١٧٨.
(٤) جامع البيان ٢٩/ ١٦٢.
(٥) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٦/ ٣٣١.