ومعنى كلام السلف يدل عليه كقول ابن عباس:«تضمن الله لمن قرأ القرآن، واتبع ما فيه أن لايضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا:{فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه: ١٢٣]»(٢). ونحوه عن سعيد بن جبير. (٣)
وبالأثر السابق قال المفسرون في هذه الآية ومنهم: ابن جرير، والبغوي، وابن عطية، وأبو حيَّان، والقرطبي، وابن كثير (٤).
وبعد أن فسر الآية الأولى قال الشنقيطي:«ومنه قوله تعالى: {فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه: ١٢٣]»(٥).
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيتين، ومأخذه أصل اللفظ في اللغة، قال ابن فارس:«الشين والقاف والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على المعاناة وخلاف السُّهولة والسّعادة»(٦). وقال الراغب الأصفهاني:«وكل شقاوة تعب، وليس كل تعب شقاوة»(٧)، فكأنه يشير إلى أن تفسير الشقاء بالتعب، تفسير باللازم. لأن من لازم التعب الشقاوة، وليس كل شقاوة تعبا.
الوجه الثاني: العصيان.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}[مريم: ٣٢].
(١) جامع البيان ١٦/ ١٧٦. معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٤٩. معالم التنزيل ص ٨١٤. الكشاف ٣/ ٥٢. المحرر الوجيز ٤/ ٣٦. الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١١٣. البحر المحيط ٧/ ٣٠٩. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٣٠٨. (٢) جامع البيان ١٦/ ٢٨٠. (٣) ذكره عنه أبو حيَّان في البحر المحيط ٧/ ٣٩٣. (٤) جامع البيان ١٦/ ٢٨٠. معالم التنزيل ص ٨٢٩. المحرر الوجيز ٤/ ٦٨. الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١٧١. البحر المحيط ٧/ ٣٩٣. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٣٤٧. (٥) أضواء البيان ٣/ ٦. (٦) مقاييس اللغة ص ٥١٠. (٧) مفردات ألفاظ القرآن ص ٤٦٠.