{وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}[يوسف: ٤٥]، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ كما قال الراغب الأصفهاني، وإليه أشار ابن الجوزي حين قال إن الحين السنين.
الوجه الرابع: الإمام. ودل عليه قوله تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا}[النحل: ١٢٠]، ومأخذه تفسير الشيئ بسببه؛ كما قال ابن قتيبة.
الوجه الخامس: الصنف. ودل عليه قوله تعالى:{وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأنعام: ٣٨]، ومأخذه التفسير بالمقارب؛ كما دل عليه قول ابن قتيبة.
[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة البقية.]
[باب البقية]
قال ابن الجوزي:
«البقية مشتقة من البقاء. والباقي: ما تكررت عليه الأزمان وهو باق. والبقية: ما يبقى عند زوال ما كانت معه البقية جملة واحدة. يقال: بقي الشيء يبقى بقاء. ومن العرب من يقول: بقى مكان بقي. يقال: فلان يبقي الشيء إذا رقبه ورصده. وفي الحديث:(وأبقينا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -). يعني انتظرناه (١).
[وذكر أهل التفسير أن البقية في القرآن على خمسة أوجه]
أحدها: القليل، ومنه قوله تعالى في هود:{فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ}[هود: ١١٦]، أراد القليل.
والثاني: الدوام، ومنه قوله تعالى في النحل:{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}[النحل:
٩٦]، وفي القصص:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[القصص: ٦٠].
والثالث: ما بقي من الذاهب، ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}[البقرة: ٢٤٨].
(١) أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، باب وقت العشاء الآخرة برقم ٤٢١، ١/ ١١٤) من حديث معاذ بن جبل. وللاستزادة من اللغة ينظر: العين: ص ٨٣، ومقاييس اللغة ص ١٢٧، والمحكم والمحيط الأعظم ٦/ ٥١١.