تفيدان العموم في كافة الدواب كما ذكره السلف والمفسرون، وآية الوجه الثاني:{مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ}[سبأ: ١٤] سياقها يفيد أن المقصود دابة بعينها، وهي التي ذكرها السلف والمفسرون أنها الأرْضة، وأما آية الوجه الثالث: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: ٨٢]. فقد خصها النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها دابة ليست من عامة الحيوان المعروف، وليست الأرضة، بل لها خصوص كونها من المقدمات الكبرى للقيامة.
[المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة الذل.]
[باب الذل]
قال ابن الجوزي:
» الذل والخضوع يتقاربان. قال الفرَّاء: الذُّلّ والذِّلَّة بمعنى واحد (١).
وقال ابن قتيبة: يقال: رجل ذليل: بيّن الذل. بضم الذال ودابة ذلول: بينة الذل بكسر الذال (٢).
[وذكر بعض المفسرين أن الذل في القرآن على ثلاثة أوجه]
أحدها: القِلَّة. ومنه قوله تعالى في آل عمران:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}[آل عمران: ١٢٣].
والثاني: التواضع. ومنه قوله تعالى في المائدة:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[المائدة: ٥٤]، وفي بني إسرائيل:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}[الإسراء: ٢٤].
والثالث: السهولة. ومنه قوله تعالى في هل أتى:{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا}[الإنسان: ١٤] «(٣).
(١) معاني القرآن ٢/ ١٢٢. (٢) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٣٢١، ومقاييس اللغة ص ٣٦٢، والمحكم والمحيط الأعظم ١٠/ ٤٨، ولسان العرب مادة (ذلل). (٣) نزهة الأعين النواظر ص ٣٠٠.