ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه، ومأخذه السياق القرآني.
[نتيجة الدراسة]
تحصل من تلك الدراسة صحة الوجهين وهما:
الوجه الأول: إدراك السمع المسموعات، ودل عليه قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي} [آل عمران: ١٩٣]، وقوله تعالى:
{فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: ٢]، وقوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: ٢٩]، ومأخذ هذا الوجه هو أصل اللفظ في اللغة.
الوجه الثاني: سماع القلب وهو قبوله للمسموع. ودل عليه قوله تعالى: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} [هود: ٢٠]، وفي الكهف:
{وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: ١٠١]، وأن مأخذ هذا الوجه السياق القرآني.
[المطلب الخامس: دراسة وجوه كلمة السيد]
باب السَّيِّد:
قال ابن الجوزي:
«السَّيّد في الأصل العلي بطريق الرئاسة والرفعة (١).
[وذكر أهل التفسير أن السيد في القرآن على وجهين]
أحدهما: الزوج. ومنه قوله تعالى في يوسف: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: ٢٥].
والثاني: الحليم. ومنه قوله تعالى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩]» (٢).
[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]
[الوجه الأول: الزوج.]
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: ٢٥].
وقال به من السلف: زيد بن ثابت، ومجاهد، والسُّدي (٣).
(١) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٤٥٤. مقاييس اللغة ٤٧٥. المحكم والمحيط الأعظم ٨/ ٥٩٩.
(٢) نزهة الأعين النواظر ص ٣٤٦.
(٣) جامع البيان ١٢/ ٢٤١.
وزيد بن ثابت: ابن الضحاك بن زيد بن لوذان ابن عمرو النجاري، المدني، كاتب الوحي، وأحد نجباء الأنصار شهد بيعة الرضوان، وقرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وجمع القرآن في عهد الصديق وولي قسم غنائم اليرموك، مات سنة ٤٥ وقيل ٤٨ وقيل سنة ٥١ هـ (الاستيعاب ٢/ ٥٣٧. الإصابة ٢/ ٥٩٢).