ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيتين، ومأخذه السياق القرآني لأن القسم في الآيتين دليل التعظيم.
الوجه الثاني: المنعة.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء: ١٣٩].
وقال به من المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحاس، والبغوي، وابن عطية. (١)
وقال: الزَّمخشري، وأبو حيَّان، والقرطبي: وعبر عنه بعضهم بالغلبة.
وليس ثمة تعارض بين قولي المفسرين إذ المعنيان متقاربان، قال الراغب الأصفهاني:«العزَّة: حالة مانعة للإنسان من أن يغلب. من قولهم: أرض عزَازَ. أي صلبة، قال تعالى:{أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء: ١٣٩]»(٢).
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير باللازم لأن من لوازم العزة المنعة.
ومعنى كلام السلف يدل عليه كقول ابن عباس فيما يرويه عنه ابن زيد بقوله في قوله:{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}[البقرة: ٢٠٦]. إلى قوله:{وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة: من ٢٠٧] قال: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا صلى السبحة وفرغ دخل مربدا (٣) له فأرسل إلى فتيان قد قرءوا القرآن، منهم ابن عباس وابن أخي عيينة، قال فيأتون فيقرأون القرآن، ويتدارسونه
(١) جامع البيان ٥/ ٤٢٢. معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١٢٠. معاني القرآن وإعرابه للنحاس ٢/ ٢١٨. معالم التنزيل ص ٣٤٥. المحرر الوجيز ٢/ ١٢٥. الكشاف ١/ ٦١١. الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٢٦٧. البحر المحيط ٤/ ١٠١. (٢) مفردات ألفاظ القرآن ص ٥٦٣. (٣) هو: كالحجرة في الدار.