المبحث الثامن: دراسة وجوه الكلمات القرآنية الواردة على حرف العين. وفيه مطلبان:
[المطلب الأول: دراسة وجوه كلمة العفو.]
[باب العفو]
قال ابن الجوزي:
«العفو: يقال ويراد به الصَّفح. ومنه عفو اللَّه تعالى عن عبده. ويقال ويراد به: زوال الأثر. يقال: عَفَتِ الديارُ، إذا غطى التراب أثرَها فخَفِيَتْ.
قال ابن فارس: والعفو: حلال المال وطيّبُه. والعُفاةَ: طُلاّب المعروف، وأعطيته عَفْوًا من غير مسألة .. وعَفَاهُ واعتفاه: إذا طلب ما عنده. وعَفُو المال: فاضله عن النفقة (١).
[وذكر أهل التفسير أن العفو في القرآن على أربعة أوجه]
أحدها: الصفح والمغفرة. ومنه قوله تعالى في آل عمران:{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}[آل عمران: ١٥٥]، وفي براءة:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ}[براءة: ٤٣].
والثاني: الترك. ومنه قوله تعالى في البقرة:{إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧]، أراد: ترك المهر. وهذا قريب من معنى الأول.
والثالث: الفاضل من المال. ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}[البقرة: ٢١٩]، وفي الأعراف:{خُذِ الْعَفْوَ}[الأعراف: ١٩٩].
والرابع: الكثرة. ومنه قوله تعالى في الأعراف:{ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا}[الأعراف: ٩٥]، أي: كثروا، قاله: أبو عبيدة (٢)» (٣).
[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]
الوجه الأول: الصفح والمغفرة.
(١) مجمل اللغة ٣/ ٦١٥.وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٦٥٧، ومقاييس اللغة ص ٦٤٢، والقاموس المحيط ولسان العربي مادة (عفو). (٢) مجاز القرآن ١/ ٢٢٢. (٣) نزهة الأعين النواظر ص ٤٣٦.