ومعنى كلام بعض المفسرين يدل عليه كقول ابن عطية: «لا تبعة علي في قول أو فعل» (١) وبنحوه قال القرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٢).
وهذا الوجه هو في الحقيقة عائد إلى الوجه الأول الذي هو الظلم:
لأن أكثر المفسرين على أن المراد بالآية الأولى في هذا الوجه الظلم:
- لأن السبيل لازم للظلم فمتى قطعت سبل وأسباب الظلم فإنه غير نافذ في المظلوم.
- أن الزَّجَّاج والنَّحاس (٣) فسرا آية القصاص بالمجاوزة في الظلم.
- ثم إن تفسير البغوي لقوله تعالى: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٩٣].
يوضح ما تقدم آنفا توضيحاً جليا فيقول:» فلا عدوان: فلا سبيل إلا على الظالمين، قاله ابن عباس، يدل عليه قوله تعالى:
{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: ٢٨] «(٤)، فتراه فسر آية البقرة بآية القصص، ثم تجده في تفسيره لآية القصص يقول: «لا ظلم علي بأن أطالب أكثر من هذا» (٥).
[نتيجة الدراسة]
تحصل من دراسة هذا الباب أنه غير داخل في علم الوجوه والنظائر وأن الوجهين اللذين ذكرهما ابن الجوزي يعودان وجهاً واحداً:
فالوجه الأول: الظلم. ودل عليه قوله تعالى: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [البقرة: ٨٥]، وفي المائدة:
{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]، وتم عرض من قال به من السلف والمفسرين، ومأخذه التفسير باللازم.
وأما الوجه الثاني: السبيل. ففي قوله تعالى: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٩٣]، وقوله تعالى:
{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}
(١) المحرر الوجيز ٤/ ٢٨٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ١٨٥. البحر المحيط ٨/ ٣٠. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/ ١٤.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٤١. معاني القرآن للنحاس ٥/ ١٧٦.
(٤) معالم التنزيل ص ١٠٠.
(٥) المرجع السابق نفسه ص ٩٧٩.