عَذَابُ الآخِرَةِ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} (١) فَالْبَطْشَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ مَضَتْ آيَةُ الدُّخَان، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ (٢) وَآيَةُ الرُّومِ (٣). وَفِي لَفظٍ آخَر: جَاءَ رَجُل إِلَى عَبْدِ اللهِ فَقَال: تَرَكْتُ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلًا يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأيِهِ، يُفَسِّرُ هَذِهِ الآيةَ {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قَال: يَأتِي النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَهِ دُخَانٌ فَيَاخُذُ بِأَنْفَاسِهِمْ حَضى يَاخُذَهُمْ مِنْهُ كَهَيئَةِ الزُّكَامِ، فَقَال عَبْدُ اللهِ: مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لا عِلْمَ لَهُ بِهِ: اللهُ أَعْلَمُ، إِنمَا كَانَ هَذَا أَنَّ قُرَيشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا عَلَيهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ (٤) حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَينَهُ وَبَينَهَا كَهَيئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ، وَحَتَّى (٥) أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرِ اللهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَقَال: لِمُضَرَ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، قَال: فَدَعَا اللهَ تَعَالى لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قَال: فَمُطرُوا (٦) فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ قَال: عَادُوا إلَى مَا (٧) كَانُوا عَلَيهِ، قَال: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}، {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} قَال: يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ. وَفِي (٨) بَعْضِ طُرقِ البخاري: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيهِمْ
(١) سورة الدخان، الآيات (١٠ - ١٢).(٢) "واللزام" المراد به قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أي يكون عذابهم لازمًا، وهو ما جرى لهم يوم بدر.(٣) مسلم (٤/ ٢١٥٥ - ٢١٥٦ رقم ٢٧٩٨)، البخاري (٢/ ٤٩٢ - ٤٩٣ رقم ١٠٠٧)، وانظر (١٠٢٠، ٤٦٩٣، ٤٧٦٧، ٤٧٧٤، ٤٨٠٩، ٤٨٢٠، ٤٨٢١، ٤٨٢٣، ٤٨٢٢، ٤٨٢٤، ٤٨٢٥).(٤) "جهد" أي: مشقة شديدة.(٥) فِي (أ): "حتَّى".(٦) فِي (أ): "فأمطروا".(٧) فِي (أ): "عاذوا لما".(٨) فِي (أ): "فِي".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute