وَمِنْ سُورَةِ عَبَسَ وَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}
{عَبَسَ وَتَوَلَّى}: يَعْنِي كَلَحَ وَأَعْرَضَ، {مُطَهَّرَةٍ}: لا يَمَسُّهَا إلا الْمُطَهَّرُونَ وَهُمُ الْمَلائِكَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}: جَعَلَ الْمَلائِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً؛ لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيهَا (١) التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيضًا، {سَفَرَةٍ}: الْمَلائِكَةُ وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ أَصْلَحْتُ بَينَهُمْ، وَجُعِلَتِ الْمَلائِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَأْدِيَتهِ كَالسَّفِيرِ (٢) الَّذِي يُصْلِحُ بَينَ الْقَوْمِ، {تَصَدَّى}: تَغَافَلَ عَنْهُ.
وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {تَرْهَقُهَا}: تَغْشَاهَا شِدَّةٌ، {مُسْفِرَةٌ}: مُشْرِقَةٌ. وَقَال مُجَاهِدٌ، {لَمَّا يَقْضِ}: لا يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ. {بِأَيدِي سَفَرَةٍ}: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْنِي كَتَبَةٍ، {أَسْفَارًا}: كُتُبًا، وَاحِدُ الأَسْفَارِ: سِفْرٌ، {تَلَهَّى}: تَشَاغَلَ (٣). وَقَال الْحَسَنُ: {سُجِّرَتْ}: يَذَهَبُ مَاؤُهَا فَلا يَبْقَى فَطْرَةٌ، وَقَال مُجَاهِدٌ: الْمَسْجُورُ الْمَمْلُوءُ، وَقَال غَيرُهُ: {سُجِرَتْ}: أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا، {انْكَدَرَتْ}: انْتَثَرَتْ، وَالْكُنَّسُ تَكْنِسُ: تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبي، وَالخُنَّسُ: تَخْنِسُ في مَجْرَاهَا تَرْجِعُ، وَتَكْنِسُ، {تَنَفَّسَ}: ارْتَفَعَ النَّهَارُ، وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالضَّنِينُ: يَضَنُّ بِهِ. وَقَال عُمَرُ: {وَإِذَا النُفُوسُ زُوِّجَتْ}: يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثمَّ قَرَأَ: {احْشرُوا الَّذِيِنَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}، {عَسْعَسَ}: أَدْبَرَ (٤).
(١) في النسخ: "لأن الصحف لا يقع عليها"، والمثبت من "صحيح البُخَارِيّ".(٢) في (أ): "كالسفر".(٣) البُخَارِيّ (٨/ ٦٩١).(٤) البُخَارِيّ (٨/ ٦٩٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute