(ولا يُستحبُّ تكرار الحَلِف، فإن أفرط، كُره) لقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ}(٢) وهذا ذمٌّ؛ ولأنه لا يكاد يخلو من الكذب. وعُلِم منه أنه لا كراهة في الحَلِف مع عدم الإفراط؛ لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حلف في غير حديث (٣).
(وإن دُعي إلى الحَلِف عند الحاكم وهو مُحِقٌّ، استُحِبَّ له افْتِداءُ يمينِه) لما رُوي: "أنَّ عثمانَ والمقدادَ تَحاكما إلى عمرَ في مالٍ استقرضه المقدادُ، فجعَل عمرُ اليمينَ على المقداد، فردَّها على عثمانَ، فقالَ عمرُ: لقد أنْصَفكَ، فأخذ عثمانُ ما أعطاه المقدادُ ولم يحلِف. فقيلَ له في ذلك؟ فقال: خِفتُ أنْ توافقَ قَدَرَ بلاءٍ، فيُقال: بيمين عثمانَ"(٤).
= ٦٦٤٩، ٦٦٨٠، وفي كفارات الأيمان، باب ٩ - ١٠، حديث ٦٧١٨ - ٦٧١٩، ٦٧٢١، وفي التوحيد، باب ٥٦، حديث ٧٥٥٥، ومسلم في الأيمان، حديث ١٦٤٩، أن أبا موسى قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:. . . وإني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحلَّلتها. (١) (١٤/ ٣٨١ - ٣٨٣). (٢) سورة القلم، الآية: ١٠. (٣) منها: ما أخرجه البخاري في القدر، باب ١٤، حديث ٦٦١٧، وفي الأيمان والنذور، باب ٣، حديث ٦٦٢٨، وفي التوحيد، باب ١١، حديث ٧٣٩١، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كثيرًا ما كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحلف: لا ومقلِّب القلوب. ومنها أيضًا: ما أخرجه البخاري في الرقاق، باب ٤٥، حديث ٦٥٢٨، وفي الأيمان والنذور، باب ٣، حديث ٦٦٤٢، ومسلم في الإيمان، حديث ٢٢١، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة. (٤) أخرجه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٣٧) رقم ٥٥٩، والبيهقي (١٠/ ١٨٤)، عن الشعبي أن المقداد استقرض من عثمان -رضي الله عنه- سبعة آلاف درهم، فلما طلبها =