غِشَّ فيه، ولا خيانة، وروى البخاري (١) عن المقدام مرفوعًا: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده.
(وقيل): أفضل المكاسبِ (التجارةُ) قال في "الرعاية الكبرى": أفضل المعاش التجارةُ. انتهى. ويؤيده ما سبق من حديث أحمد. وإن جعلتَ الكلام على معنى: من أفضلِ، فلا تعارض، أو أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.
(وأفضلها) أي: التجارة (في بَزٍّ، وعطرٍ، وزرعٍ، وفرسٍ، وماشية) لبعدها عن الشُّبهةِ والكذب.
(وأبغضها) أي: التجارة (في رقيقٍ وصَرْف) للشُّبهة.
(ويُسنُّ التكسُّب ومعرفةُ أحكامه حتى مع الكفايةِ التامة؛ قاله في "الرعاية") لقوله تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}(٢)، ويُرشِد إليه قولُه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كالطيرِ تَغدُو خِماصًا، وتعودُ بِطانًا"(٣). والأخذُ
= (٣/ ١٧٩)، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (٣١٤)، والبيهقي (٥/ ٢٦٣)، وفي شعب الإيمان (٢/ ٨٥) حديث ١٢٢٥، كلهم من طرق، عن وائل، عن سعيد بن عمير مرسلًا. قال البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٥٠٢): أسنده بعضهم، وهو خطأ. وقال أبو حاتم كما في العلل لابنه (٢/ ٤٤٣): أما الثقات -الثوري وجماعة- رووا عن وائل بن داود عن سعيد بن عمير أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمرسل أشبه. وقال البيهقي: هذا هو المحفوظ مرسلًا. (١) في البيوع، باب ١٥، حديث ٢٠٧٢. (٢) سورة الملك، الآية: ١٥. (٣) أخرجه الترمذي في الزهد، باب ٣٣، حديث ٢٣٤٤، وابن ماجه في الزهد، باب ١٤، حديث ٤١٦٤، وابن المبارك في الزهد ص/ ١٩٦ - ١٩٧، حديث ٥٥٩، والطيالسي ص/ ١١، ٢١، حديث ٥٣، ١٣٩، وأحمد (١/ ٣٠، ٥٢)، وعبد بن =