لم يعرف كميته (لم يصح الصلح) في ظاهر نصوصه، وهو ظاهر ما جزم به في "الإرشاد"، وقطع به الشيخان والشارح؛ لعدم الحاجة. قال أحمد (١): إن صولحت المرأة عن ثُمُنها، لم يصح الصلح، واحتج بقول شريح (٢). وقدَّم في "الفروع" و"المبدع"، واقتصر عليه في "التنقيح"، و"المنتهى" أنه كبراءة من مجهول، أي: إن قلنا بصحة البراءة من المجهول، صح الصلح، وإلا؛ فلا.
قال في "التلخيص": وقد نزَّل أصحابنا الصلح عن المجهول المقَرِّ به بمعلوم (٣) منزلة الإبراء من المجهول؛ فيصح على المشهور؛ لقطع النزاع. انتهى. وظاهر هذا: لا فرق بين الدَّيْن والعين. قال في "المبدع": وقيل: لا يصح عن أعيان مجهولة؛ لكونه إبراء.
(ولا تصح البراءة من عين بحال) أي: سواء كانت معلومة أو مجهولة بيد المبرئ أو المبرأ، ويأتي في الصداق: إذا كانت العين بيد أحدهما، وعفا الذي ليست بيده، يصح بلفظ العفو والإبراء والهبة ونحوها. وهو ظاهر كلام "المغني" و"الشرح".
لكن مقتضى ما قدَّمه في "الفروع" و"الرعاية": عدم صحة الهبة بلفظ الإبراء والعفو، ولو كانت العين بيد الموهوب، كما نبَّهَ عليه ابن قُندس في "حاشية المحرر" في باب الهبة.
(١) المغني (٧/ ٢٣ - ٢٤). (٢) أخرج عبد الرزاق (٨/ ٢٨٩) رقم ١٥٢٥٥، وابن أبي شيبة (٧/ ٢١٢)، ووكيع بن خلف في أخبار القضاة (٢/ ٢٣١)، عن شريح قال: أيما امرأة صولحت عن ثمنها، ولم يبين لها ما ترك زوجها، فتلك الريبة كلها. (٣) "بمعلوم" ساقطة من "ح".