أُخْرَى} (١)، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "السفرُ قطعةٌ من العذَابِ"(٢) فالعذاب أعم من العقوبة، وهو اختيار الشيخ تقي الدين (٣).
وأنكرت عائشة حمل ذلك على ظاهره، ووافقها ابن عباس، وقالت:"واللهِ ما حدَّثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إن اللهَ ليعذبُ المؤمنَ ببكاءِ أهلِهِ عليْه، ولكن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: إن اللهَ ليزيدُ الكافرَ عذابًا ببكاءِ أهلِه عليهِ"(٤). وقالت لما بلغها رواية عمر وابنه في ذلك: إنكم لتحدثُونَ عن غيرِ كاذِبَيْن ولا متهمين، ولكن السمعَ يخطئُ، وقالت: حسبُكم القرآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(٥).
(وما هيَّج المصيبة من وَعْظ أو إنشاد شعر، فمِن النياحة) قاله الشيخ تقي الدين (٦)، ومعناه لابن عقيل في "الفنون" فإنه لما توفي ابنه عقيل قرأ قارئ: {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} فبكى ابن عقيل، وبكى الناس، فقال للقارئ: يا هذا إن كان يهيج الحزن، فهو نياحة بالقرآن، ولم يُنزل للنوح، بل لتسكين الأحزان.
(١) سورة الأنعام، الآية: ١٦٤، وسورة الإسراء، الآية: ١٥، وسورة فاطر، الآية: ١٨. (٢) أخرجه البخاري في العمرة، باب ١٩، حديث ١٨٠٤، وفي الجهاد والسير، باب ١٣٦، حديث ٣٠٠١، وفي الأطعمة، باب ٣٠، حديث ٥٤٢٩، ومسلم في الإمارة, حديث ١٩٢٧ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٣) انظر مختصر فتاوى ابن تيمية ص/ ٢١١. (٤) أخرجه البخاري في الجنائز، باب ٣٢، حديث ١٢٨٨، ومسلم في الجنائز، حديث ٩٢٩ (٢٣). (٥) أخرجه مسلم في الجنائز، حديث ٩٢٩. (٦) الاختيارات الفقهية ص/ ٩٠.