(ويصح استئجار أجيرٍ وظِئْرٍ) أي: مرضعة، ولو أمًّا (بطعامهما وكسوتهما) وإن لم يصف الطعام والكسوة (أو بأجرة معلومة وطعامهما وكسوتهما).
أما المرضعة: فلقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(١) فأوجب لهنَّ النفقة والكسوة على الرضاع؛ ولم يفرِّق بين المُطلَّقة وغيرها، بل في الآية قرينة تدلُّ على طلاقها؛ لأن الزوجة تجب نفقتها وكسوتها بالزوجية، وإن لم ترضع، ولقوله تعالى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}(١) والوارث ليس بزوج.
وأما الأجير: فلما روي عن أبي بكر، وعمر، وأبي موسى رضي الله تعالى عنهم: أنهم استأجروا الأجراء بطعامهم وكسوتهم (٢)، ولم يظهر له نكير، فكان كالإجماع.
و(كما لو شرطا) أي: المرضعة والأجير (كسوةً ونفقة معلومتين
(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣. (٢) لم نقف على من رواه منهم مسندًا، وذكر ذلك عنهم ابن قدامة في المغني (٨/ ٦٨). وفي مسائل الكوسج (٦/ ٣٠٩٢) رقم ٢٣٢٧ عن إسحاق بن راهويه قال: فإن السنة مضت في استئجار الرجل بالكسوة وبطعامه أنه جائزٌ، رأى ذلك ابن عباس وأبو هريرة، وقد قال الله تبارك وتعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: ٢٠٢] فتلاها ابن عباس حين سُئل عمّن يؤاجر نفسه على أن يطعموه ويخدمهم، وكذلك قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "أجرت نفسي على طعام بطني وعقبة رجلي". قلنا: أما أثر ابن عباس فرواه الحاكم (٢/ ٢٧٧)، والبيهقي (٤/ ٣٣٣). قال الحكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وأما أثر أبو هريرة فرواه ابن ماجه في الرهون، باب ٥، حديث ٢٤٤٥، وعبد الرزاق (٨/ ٢١٥) رقم ١٤٩٤١، وابن سعد (٣٢٦)، والبيهقي (٦/ ١٢٠)، وفي شعب الإيمان (٨/ ٤٦٦) رقم ٤٢٥٦. قال البوصيرى. إسناده صحيح موقوف.