أي: في الماء الكثير (وبينه وبينها) أي: النجاسة (قليل)؛ لأن تباعد الأقطار وتقاربها لا عبرة به، إنما العبرة بكون غير المتغير كثيرًا أو قليلًا. ويحكم بطهارة الملاصق للنجاسة إذا كان الماء كثيرًا (وإلا) أي: وإن لم يكن الذي لم يتغير بالنجاسة كثيرًا (فـ) ـهو (نجس) لملاقاته النجاسة، (فإن لم يتغير الماء الذي خالطته (١) النجاسة وهو يسير فـ) ـهو (نجس) لحديث ابن عمر قال: "سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الماءِ يكونُ بالفَلاة وما يَنُوبُهُ من السباعِ والدوابِّ فقال: إذَا بلغَ الماءُ قلَّتَيْنِ لم ينجسْه شيءٌ" وفي رواية: "لم يحملْ الخبَثَ" رواه الخمسة والحاكم (٢) وقال على شرط الشيخين ولفظه لأحمد، وسئل عنه ابن معين، فقال: إسناده جيد، وصححه الطحاوي. قال الخطابي (٣): ويكفي شاهدًا على صحته أن نجوم أهل الحديث صححوه، ولأنه عليه السلام أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب (٤) ولم يعتبر التغير، وعنه: لا ينجس إلا بالتغير. اختاره ابن عقيل، وابن المني، والشيخ تقي الدين، وفاقًا لمالك (٥)، لحديث بئر بضاعة (٦) صححه أحمد وحسنه الترمذي (٧). ويعضده حديث أبي أمامة
(١) في (ح) و (ذ): خالطه. (٢) تقدم تخريجه ص / ٦٠ تعليق رقم ١. (٣) معالم السنن (١/ ٤٨). (٤) رواه مسلم في الطهارة حديث ٢٧٩، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليرقه، ثم ليغسله سبع مرار". (٥) المقدمات الممهدات (١/ ٨٦)، عقد الجواهر (١/ ٨)، الذخيرة للقرافي (١/ ٧٣). (٦) بضم الباء وكسرها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن فارس في "المجمل" [١/ ١٢٧]، والجوهري [الصحاح ٣/ ١١٨٧]، وغيرهما قال النووي: والضم أفصح وأشهر، وهي بالمدينة بديار بني ساعدة، ذكره النووي في "التهذيب" [١/ ٣٦] (ش). (٧) رواه أحمد (٣/ ١٥، ٣٦، ٨٦)، والترمذي في الطهارة باب ٤٩، حديث ٦٦، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وتقدم تخريجه مفصلًا ص / ٥٩ تعليق ١.