المقصود بالقروء: القرء لغة مشترك بين الطهر والحيض، ويجمع على أقرء وقروء وأقرء، وللفقهاء رأيان في تفسير القروء (١):
يرى الحنفية والحنابلة: أن المراد بالقرء: الحيض؛ لأن الحيض مُعَرِّف لبراءة الرحم، وهو المقصود من العدة، فالذي يدل على براءة الرحم إنما هو الحيض لا الطهر، ولقوله تعالى:{واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم، فعدتهن ثلاثة أشهر، واللائي لم يحضن}[الطلاق:٤/ ٦٥] فنقلهن عند عدم الحيض إلى الاعتداد بالأشهر، فدل على أن الأصل الحيض، كما قال تعالى:{فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً}[المائدة:٦/ ٥].
ولأن المعهود في الشرع استعمال القرء بمعنى الحيض، قال النبي صلّى الله عليه وسلم للمستحاضة:«دعي الصلاة أيام أقرائك»(٢) وهوعليه الصلاة والسلام المعبر عن الله، وبلغة قومه نزل القرآن، وقال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش:«انظري، فإذا أتى قرؤك فلا تصلي، وإذا مرَّ قرؤك فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء»(٣).
وقال صلّى الله عليه وسلم:«طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان»(٤)، فإذا اعتبرت عدة الأمة بالحيض، كانت عدة الحرة كذلك.
ولأن ظاهر قوله تعالى:{يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}[البقرة:٢٢٨/ ٢] وجوب التربص ثلاثة كاملة، ومن جعل القروء الأطهار، لم يوجب ثلاثة، لأنه
(١) الكتاب للقدوري مع اللباب: ٨٠/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٢٣٥، مغني المحتاج: ٣٨٥/ ٣، المغني: ٤٥٢/ ٧ ومابعدها. (٢) رواه أبو داود والنسائي وروى ابن ماجه عن عائشة قالت: «أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض» وقال عليه الصلاة والسلام: «تجلس أيام أقرائها» (انظر نيل الأوطار: ٢٩٠/ ٦ ومابعدها). (٣) رواه النسائي، وفيه منكر الحديث، ورواه أيضاً ابن ماجه وأبو بكر الخلال في جامعه. (٤) رواه أبو داود وغيره.