وإذا عفا أحد الأولياء، فقتله الآخر، فلا قصاص عند الحنفية (١)، للشبهة، إذا كان القاتل غير عالم بالعفو، أو عالماً بالعفو، غيرعالم بحرمة القتل. وقال الشافعية والحنابلة وزفر (٢): عليه القصاص إذا كان عالماً بالعفو؛ لأنه قتل نفساً بغير حق؛ لأن عصمته عادت إليه بالعفو.
[٣) ـ هل يبقى حق للسلطان بعد عفو ولي الدم؟]
إذا عفا ولي القتيل مطلقاً عن القاتل عمداً، صح العفو، وبقي عند الحنفية والمالكية حق السلطان في عقوبته تعزيراً؛ لأن القصاص فيه حقان: حق الله (أو حق المجتمع أو الحق العام)، وحق المجني عليه. وحدد المالكية نوع التعزير فقالوا: إذا عفا ولي الدم (٣) عن القاتل عمداً، يبقى للسلطان حق فيه، فيجلده مئة، ويسجنه سنة (٤).
وقال الشافعية والحنابلة: إذا عفي عن القاتل مطلقاً، صح العفو، ولم تلزمه عقوبة أخرى (٥). وقال الماوردي (٦): الأظهر أن لولي الأمر أن يعزر مع العفو عن الحدود؛ لأن التقويم من حقوق المصلحة العامة. وقال أبو يعلى الحنبلي (٧) في حق
(١) البدائع: ٢٤٨/ ٧. (٢) البدائع، المكان السابق، مغني المحتاج: ٤١/ ٤، المهذب: ١٨٤/ ٢، شرح المحلي على المنهاج: ١٢٢/ ٤، المغني: ٧٤٤/ ٧، كشاف القناع: ٦٣٢/ ٥. (٣) أولياء الدم كما عرفنا: هم الورثة على ترتيب الإرث والحجب حتى الزوجان، في رأي الحنفية والشافعية والحنابلة. وقال المالكية: أولياء الدم: هم الذكور العصبة دون البنات والأخوات والزوجين (انظر القوانين الفقهية: ص ٣٤٦). (٤) التلويح على التوضيح: ١٥٥/ ٢، بداية المجتهد: ٣٩٦/ ٢. (٥) المغني: ٧٤٥/ ٧. (٦) الأحكام السلطانية له: ص ٢٢٩. (٧) الأحكام السلطانية له: ص ٢٦٦.