للتعزير صفات (١) أولها ـ أنه عند المالكية والحنابلة: حق واجب لله تعالى إذا رآه الإمام، فلا يجوز للحاكم في الجملة ترك التعزير؛ لأنه زاجر مشروع لحق الله تعالى، فوجب كالحد.
وعند الشافعية: ليس التعزير واجباً، فيجوز للسلطان تركه إذا لم يتعلق به حق لآدمي، فهم كالحنفية، لما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:«أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا في الحدود»(٢)، ولأن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم: فقال: إني لقيت امرأة فأصبت منها ما دون أن أطأها، فقال:«أصليت معنا؟!» قال: نعم، فتلا عليه:{إن الحسنات يذهبن السيئات}[هود:١١٤/ ١١](٣). وقال رجل للرسول صلّى الله عليه وسلم:«إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله»(٤)، فلم يعزره، فلو لم يجز
(١) المغني: ٣٢٦/ ٨، غاية المنتهى: ٣٣٣/ ٣، البدائع: ٦٤/ ٧، حاشية ابن عابدين: ٢٠٤/ ٣ وما بعدها، مغني المحتاج: ١٩٣/ ٤، قواعد الأحكام: ١٥٨/ ١، المهذب: ٢٨٨/ ٢. (٢) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن عدي والعقيلي عن عائشة، وقال العقيلي: له طرق وليس فيها شيء يثبت، وذكره ابن طاهر عن أنس، وقال: الإسناد باطل، ورواه الشافعي وابن حبان وصححه وابن عدي والبيهقي من حديث عائشة بلفظ: «أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم» وقال الشافعي: «سمعت من أهل العلم من يعرف هذا الحديث، ويقول: يتجافى للرجل ذي الهيئة عن عثرته، مالم يكن حداً» وقال في تفسير الهيئة: من لم تظهر منه ريبة. ورواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات بلفظ: «أقيلوا الكرام عثراتهم» وروي في معناه عن ابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس (راجع التلخيص الحبير: ص ٣٦١، جامع الأصول: ٣٤٤/ ٤، مجمع الزوائد: ٢٨٢/ ٦، نيل الأوطار: ١٣٥/ ٧). (٣) رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك، ولأحمد ومسلم من حديث أبي أمامة نحوه، وفي موضوعه عن ابن مسعود عند مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي (راجع نيل الأوطار: ١٠٠/ ٧، أعلام الموقعين: ٧٨/ ٢). (٤) وذلك حينما آثر الرسول رجالاً هم المؤلفة قلوبهم وهم ناس من قريش، أسلموا يوم الفتح إسلاماً ضعيفاً، فقال رجل اسمه: «معتِّب بن قشير من بني عمرو بن عوف» وكان من المنافقين: «والله إن هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد فيها وجه الله». رواه أحمد والشيخان عن ابن مسعود (راجع نيل الأوطار: ٢٩٠/ ٧ وما بعدها).