أولاً ـ تعريف البغي: البغي لغة: إما الطلب كما في قوله تعالى: {ماكنا نبغِ}[الكهف:٦٤/ ١٨] أو التعدي. وهو في اصطلاح الفقهاء كما عرفه ابن عرفة المالكي: الامتناع من طاعة من تثبت إمامته في غير معصية بمغالبة، ولو تأولاً (١). والبغي حرام لقول النبي صلّى الله عليه وسلم:«من نزع يده من طاعة إمامه، فإنه يأتي يوم القيامة، ولا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة، فإنه يموت ميتة جاهلية»(٢)، وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً:«من حمل علينا السلاح فليس منا»(٣).
وعرف الحنفية البغاة: بأنهم قوم لهم شوكة ومنعة، خالفوا المسلمين في بعض الأحكام بالتأويل، وظهروا على بلدة من البلاد، وكانوا في عسكر، وأجروا
(١) حاشية الدسوقي: ٢٩٨/ ٤. (٢) الأحاديث في هذا المعنى كثيرة: منها: ما أخرجه مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية .. » الحديث، ومنها: ما رواه الحاكم عن ابن عمر بلفظ: «من خرج من الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية» ومنها: ما رواه أحمد والشيخان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبراً، فمات، فميتته جاهلية». وفي لفظ: «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً، فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية» ومنها: ما روي عن أبي ذر ومعاوية وأبي الدرداء وغيرهم كثير (راجع جامع الأصول: ٢٥٦/ ٤، مجمع الزوائد: ٢١٩/ ٥، ٢٢٠، ٢٢٤، نيل الأوطار: ١٧١/ ٧، ١٧٣). (٣) أخرجه أحمد والشيخان من حديث ابن عمر، وأبي موسى الأشعري، وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، وسلمة بن الأكوع. (راجع نيل الأوطار: ١٧٣/ ٧، سبل السلام: ٢٥٧/ ٣).