حكم العمرة: قال الحنفية على المذهب والمالكية على أرجح القولين (١): العمرة سنة (مؤكدة) مرة واحدة في العمر؛ لأن الأحاديث المشهورة الثابتة الواردة في تعداد فرائض الإسلام لم يذكر منها العمرة، مثل حديث ابن عمر:«بني الإسلام على خمس» فإنه ذكر الحج مفرداً، وروى جابر أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال:«يا رسول الله، أخبرني عن العمرة، أواجبة هي؟ فقال: لا، وأن تعتمر خير لك»(٢) وفي رواية «أولى لك».
وروى أبو هريرة:«الحج جهاد والعمرة تطوع»(٣).
وقال الشافعية في الأظهر، والحنابلة (٤): العمرة فرض كالحج، لقوله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله}[البقرة:١٩٦/ ٢] أي ائتوا بهما تامين ومقتضى الأمر الوجوب، ولخبر عائشة رضي الله عنها قالت:«قلت: يا رسول الله، هل على النساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة»(٥).
ويظهر لي أن الرأي الثاني أصح، لدلالة هذه الآية، ولضعف أحاديث الفريق الأول.
(١) الدر المختار: ٢٠٦/ ٢، فتح القدير: ٣٠٦/ ٢، البدائع: ٢٢٦/ ٢، مراقي الفلاح: ص١٢٦، الشرح الصغير: ٤/ ٢، القوانين الفقهية: ص١٤٢، بداية المجتهد: ١٣١٢/ ١. ويلاحظ أن الكاساني في البدائع اختار القول بوجوب العمرة كصدقة الفطر والأضحية والوتر. (٢) رواه الترمذي وصححه أحمد والبيهقي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد (نيل الأوطار: ٢٨١/ ٤) لكن في إسناده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف، وتصحيح الترمذي له فيه نظر؛ لأن الأكثر على تضعيف الحجاج، قال النووي: اتفق الحفاظ على ضعفه. (٣) رواه الدارقطني والبيهقي وابن حزم، وإسناده ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر، وقال أيضاً: ولا يصح من ذلك شيء (نيل الأوطار، المكان السابق). (٤) مغني المحتاج: ٤٦٠/ ١، الإيضاح في مناسك الحج للنووي، ص ٧١، المغني:٢٢٣/ ٣ ومابعدها. (٥) رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما بأسانيد صحيحة.