قال الحنفية ما عدا زفر (١): القتل شبه عمد، يوجب الدية؛ لأن الإذن بالقتل الموجود بالفعل أورث شبهة، والحدود ومنها القصاص تدرأ بالشبهات. وقال زفر: لا يصلح الإذن شبهة، فلا يدرأ القصاص، ويجب تطبيقه.
وقال المالكية (٢): الإذن بالقتل لا يمنع وجوب القصاص، وإنما يلزم القود.
وقال الشافعية في الأظهر عندهم والحنابلة (٣): لا قصاص ولا دية، ودم المقتول أو جرحه هدر؛ لأن الحق له فيه، وقد أذنه في إتلافه، كما لو أذن له في إتلاف ماله.
[المطلب الثاني ـ عقوبات القتل العمد]
عقوبة القتل العمد: هي الجزاء المترتب على الاعتداء على النفس.
واتفق الفقهاء على أن قاتل النفس عمداً يجب عليه أمور ثلاثة: الأول ـ الإثم العظيم لورود القرآن بتخليده في نار جهنم، والثاني ـ القود لآية القصاص، والثالث ـ الحرمان من الميراث لحديث:«لا يرث القاتل شيئاً».
[النوع الأول ـ العقوبة الأصلية]
نص الشرع على عقوبة أصلية للقتل العمد وهي القصاص أو القود (٤)، وهي
(١) البدائع: ٢٣٦/ ٧، الدر المختار: ٣٨٨/ ٥. (٢) الشرح الكبير للدردير: ٢٤٠/ ٤. (٣) مغني المحتاج: ١١/ ٤، كشاف القناع: ٦٠٢/ ٥ وما بعدها. (٤) سمي قوداً؛ لأنهم كانوا يقودون الجاني بحبل أو غيره إلى محل استيفاء القصاص.