ولا تكْنوا» (١) وهذا أمر تأديب ومبالغة في الزجر عن دعوى الجاهلية.
ويحرم الندب بتعديد شمائله، والنوح، والجزع بضرب صدر أو رأس وشق جيب ونحوهما.
أما الندب: فهو تعداد محاسن الميت، وما يَلْقون بفقده بلفظـ النداء، بالواو بدل الياء، مثل قولهم: وارجلاه، واجبلاه، وانقطاع ظهراه، واكهفاه، ياعزي، ياسندي ونحوه، لحديث:«ما من ميت يموت فيقدم باكيهم، فيقول: واجبلاه، واسنداه، أو نحو ذلك، إلا وكل به ملكان يلهَزانه، أهكذا كنت»(٢) وذلك إن أوصى بما ذكر، أو كان كافراً.
وأما النوح: فهو رفع الصوت بالندب، لخبر «النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب»(٣) وخبر «لعن الله النائحة والمستمعة»(٤).
وأما الجزع: بضرب الصدر ونحوه كشق جيب ونشر شعر، وتسويد وجه، وإلقاء رماد على رأس، ورفع صوت بإفراط في البكاء، فهو حرام أيضاً، لخبر الشيخين:«ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» وفي الصحيحين «أنه صلّى الله عليه وسلم برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة» فالصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثيابها.
(١) المراد به قولهم في الاستغاثة: يالفلان، وقولوا له: اعضض بذكر أبيك، ولا تكنوا عن الذكر بالهن، رواه أحمد والنسائي وابن حبان عن أبي بن كعب (كشف الخفا:٣٣٢/ ٢). (٢) رواه الترمذي وحسنه، واللهز: الدفع في الصدر باليد، وهي مقبوضة. والفعل لهز يلهز على وزن فتح يفتح. (٣) رواه مسلم، والسربال: القميص. (٤) رواه أحمد وأبو داود عن أبي سعيد، وهو صحيح.