فَرَفَعْتُ رَأسِي في الْبَيتِ، فَوَاللهِ مَا رَأيتُ فِيهِ شَيئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أُهَبًا ثَلاثَةً، فَقُلْتُ: ادْعُ الله يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ فَقَدْ وَسَّعَ الله (١) عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لا يَعْبُدُونَ الله، فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَال:(أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طيِّبَاتُهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لا يَدْخُلَ عَلَيهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ (٢) عَلَيهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ. قَال الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي (٣) عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: لَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيلَةً دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدَأَ بِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لا تَدْخُلَ عَلَينَا شَهْرًا، وَإِنكَ دَخَلْتَ مِنْ تِسْعِ وَعِشْرِينَ أَعُدُّهُنَّ، فَقَال: إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، ثُمَّ قَال: يَا عَائشَةُ إِنِّي ذَاكِرٌ (٤) لَكِ أَمْرًا فَلا عَلَيكِ أَنْ لا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيكِ). ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ هَذِهِ الآيةَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حَتَّى بَلَغَ {أَجْرًا عَظِيمًا} قَالتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ وَاللهِ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. قَالتْ (٥): فَقُلْتُ (٦): أَوَ في هَذَا أَسْتَامِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَال مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ: لا تُخْبِرْ نِسَاءَكَ أَنِّي اخْتَرْتُكَ. فَقَال لَهَا النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا). قَال قَتَادَةُ:{صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}: مَالتْ قُلُوبُكُمَا (٧).
في بعض طرق البخاري: أَنَّ عُمَرَ أُذِنَ لَهُ في الدُّخول في الثَّالِثة، وفي كُل مَرةٍ
(١) لفظ الجلالة ليس في (أ). (٢) "موجدته" أي: الغضب. (٣) في (ج): "وأخبرني". (٤) في (أ): "أذكر". (٥) في (أ): "قال". (٦) في (أ): "قفلت". (٧) انظر الحديث رقم (٨) في هذا الباب.