وسَمِعتُ أبا يوسُفَ يُحَدِّثُه عن رَبيعَةِ الرّأىِ؛ كِلاهُما عن ابنِ البَيلَمانِىِّ، ثُمَّ بَلَغَنِى عن ابنِ أبي يَحيَى أنَّه قال: أنا حَدَّثتُ رَبيعَةَ بهَذا الحَديثِ. فإِنَّما دارَ الحَديثُ على ابنِ أبي يَحيَى عن عبدِ الرَّحمَنِ بنِ البَيلَمانِىِّ، أن النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أقادَ مُسلِمًا بمُعاهَدٍ وقالَ:"أنا أحَقُّ مَن وفَى بذِمَّتِه". قال أبو عُبَيدٍ: وهَذا حَديث لَيسَ بمُسنَدٍ، ولا يُجعَلُ مِثلُه إمامًا يُسفَكُ به دِماءُ المُسلِمينَ (١).
قال أبو عُبَيدٍ: وقَد أخبرَنِى عبدُ الرَّحمَنِ بنُ مَهدِىٍّ عن عبدِ الواحِدِ بنِ زيادٍ قال: قُلتُ لِزُفَرَ: إنَّكُم تَقولونَ: إنّا نَدرأُ الحَدَّ (٢) بالشُّبُهاتِ، وإِنَّكُم جِئتُم إلَى أعظَمِ الشُّبُهاتِ فأقدَمتُم عَلَيها. قال: وما هو؟ قال: قُلتُ: المُسلِمُ يُقتَلُ بالكافِرِ. قال: فاشهَدْ أنتَ على رُجوعِى عن هَذا. قال: وكَذَلِكَ قَولُ أهلِ الحِجازِ لا يُقيدونَه به، وأمّا قَولُه:"ولا ذو عَهدٍ في عَهدِه". فإِنَّ ذا العَهدِ الرَّجُلُ مِن أهلِ دارِ الحَربِ يَدخُلُ إلَينا بأمانٍ، فقَتلُه مُحَرَّمٌ على المُسلِمينَ حَتَّى يَرجِعَ إلَى مأمَنِه، وأصلُ هذا مِن قَولِه:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}(٣)[التوبة: ٦].
١٦٠٢١ - وأخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو الفَضلِ محمدُ بنُ إبراهيمَ إملاءً، حدثنا محمدُ بنُ نُعَيمٍ، حدثنا أبو قُدامَةَ، حدثنا عبدُ الرَّحمَنِ بنُ مَهدِىٍّ، حدثنا عبدُ الواحِدِ بنُ زيادٍ قال: لَقِيتُ زُفَرَ فقُلتُ
(١) غريب الحديث لأبى عبيد ٢/ ١٠٥. (٢) في س، ص ٨: "الحدود". (٣) غريب الحديث لأبى عبيد ٢/ ١٠٥، ١٠٦.