أصلَحَ اللَّهُ الأميرَ، أحزَنَ (١) بنا المَنزِلُ، وأجدَبَ الجَنابُ (٢)، وضاقَ المَسلَكُ، واكتَحَلنا السَّهَرَ، واستَحلَسنا الخَوفَ (٣)، ووَقَعنا في خَزيَةٍ (٤) لَم نَكُنْ فيها بَرَرَةً أتقياءَ ولا فجَرَةً أقوياءَ. قال: صَدَقتَ واللَّهِ ما بَرّوا بخُروجِهِم عَلَينا، ولا قَوُوا عَلَينا حَيثُ فجَروا، أطلِقا عنه. ثُمَّ احتاجَ إلَىَّ في فريضَةٍ فأتَيتُه، فقالَ: ما تَقولُ في أُمٍّ وأُختٍ وجَدٍّ؟ فقُلتُ: قَدِ اختَلَفَ فيها خَمسَةٌ مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ عبدُ اللَّهِ بنُ عباسٍ وزَيدٌ وعُثمانُ وعَلِىٌّ وعَبدُ اللَّهِ بنُ مَسعودٍ. قال: ما قال فيها ابنُ عباسٍ إن كان لَمِقنَبًا (٥)؟ وفِى رِوايَةِ الرَّقِّىِّ: إن كان لَمُنَقَبًا. قُلتُ: جَعَلَ الجَدَّ أبًا ولَم يُعطِ الأُختَ شَيئًا، وأعطَى الأُمَّ الثُّلُثَ. قال: فما قال فيها زَيدٌ؟ قُلتُ: جَعَلَها مِن تِسعَةٍ؛ أعطَى الأُمَّ ثَلاثَةً وأعطَى الجَدَّ أربَعَةً وأعطَى الأُختَ سَهمَينِ. قال: فما قال فيها أميرُ المُؤمِنينَ؟ يَعنِى عثمانَ، قُلتُ: جَعَلَها أثْلاثًا. قال: فما قال فيها ابنُ مَسعودٍ؟ قُلتُ: جَعَلَها مِن سِتَّةٍ؛ أعطَى الأُختَ ثَلاثَةً والجَدَّ سَهمَينِ والأُمَّ سَهمًا. قال: فما قال فيها أبو تُرابٍ؟ يَعنِى عَليًّا قُلتُ: جَعَلَها مِن سِتَّةِ أُسهُمٍ، فأعطَى الأُختَ ثَلاثَةً وأعطَى
(١) أحزن: من الحزونة، وهو غلظ المكان وخشونته. غريب الحديث لابن قتيبة ٢/ ٦٤٦. (٢) الجناب: ما حول القوم. المصدر السابق. (٣) استحلسنا الخوف: الحلس كساء يكون تحت برذعة البعير، أى: صار الخوف لنا حلسًا، والسهر لنا كحلًا. غريب الحديث لابن قتيبة ٢/ ٦٤٧. (٤) خزية: أى خصلة خزينا منها، أى استحيينا. المصدر السابق. (٥) المقنب: كف الأسد، ويقال: مخلب الأسد في مقنبه، وهو الغطاء الذى يستره، وهو أيضا وعاء يكون للصائد يجعل فيه ما يصيده. ينظر التاج ٤/ ٨١، ٨٢ (ق ن ب).