أن أنطَلِقَ فإِذا إنسانٌ يَسعَى يَدعو: يا بلالُ أجِب رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فانطَلَقتُ حَتَّى آتِيَه (١)، فإِذا أربَعُ رَكائبَ عَلَيهِنَّ أحمالُهُنَّ فأتَيتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فاستأذَنتُ، فقالَ لِى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أبشِرْ فقَد جاءَكَ اللَّهُ بقَضائكَ (٢) ". فحَمِدتُ اللهَ، وقالَ:"ألَم تَمُرَّ على الرَّكائبِ المُناخاتِ الأربَعِ؟ ". قال: فقُلتُ: بَلَى. قال:"فإِنَّ لَكَ رِقابَهُنَّ وما عَلَيهِنَّ". وإِذا عَلَيهِنَّ كِسوَةٌ وطَعامٌ أهداهُنَّ له عَظيم فَدَكٍ (٣): "فاقبِضْهُنَّ إلَيكَ ثُمَّ اقضِ دَينَكَ". قال: ففَعَلتُ فحَطَطتُ عَنهُنَّ أحمالَهُنَّ ثُمَّ عَقَلتُهُنَّ ثُمَّ عَمَدتُ إلَى تأذينِ صَلاةِ الصُّبحِ، حَتَى إذا صَلَّى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجتُ إلَى البَقيعِ فجَعَلتُ إصبَعَيَّ في أُذُنَيَّ، فنادَيتُ وقُلتُ: مَن كان يَطلُبُ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَينًا فليَحضُرْ. فما زِلتُ أبيعُ وأقضِى وأُعَرِّضُ (٤) وأقضِى، حَتَّى لَم يَبقَ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- دَينٌ في الأرضِ، حَتَّى فضلَ عِندِى أوقيَّتَينِ أو أوقيَّةٌ ونِصفٌ. ثُمَّ انطَلَقتُ إلَى المَسجِدِ وقَد ذَهَبَ عامَّةُ النَّهارِ فإِذا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قاعِدٌ في المَسجِدِ وحدَه، فسَلَّمتُ عَلَيه، فقالَ لِى:"ما فعَلَ ما قِبَلَكَ؟ ". قُلتُ (٥): قَد قَضَى اللهُ كُلَّ شَئٍ كان على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فلَم يَبقَ شَئٌ. فقالَ: "فضَلَ (٦)
(١) في س، م: "أتيته". (٢) في س: "بقضاء حاجتك". (٣) فَدَك: بلدة كانت عامرة، صالح أهلها رسول الله بعد خيبر، وهي قرية من شرقى خيبر على واد يذهب سيله مشرقا إلى وادى الرمة تعرف اليوم بالحائط. المعالم الجغرافية ص ٢٣٥. (٤) في حاشية الأصل:"قلت: أحسب معناه أعوِّض بعَرَضٍ، من قولهم: عرضت له من حقه ثوبًا. إذا أعطيته إياه عوضًا عن حقه والله أعلم". وهي في حاشية ز. وفيها: "قال شيخنا أحسب". (٥) في حاشة الأصل، س، ص ٥، وسنن أبي داود: "قال: قلت". (٦) في س، وسنن أبي داود، وصحيح ابن حبان: "أفضل".