فلَمَّا بَلَغَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الثَّنيَّةَ نادَى مُنادِي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أن خُذوا بَطنَ الوادِي، فهو أوسَعُ عَلَيكُم، فإِنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَد أخَذَ الثَّنيَّةَ، وكانَ مَعَه حُذَيفَةُ بن اليَمانِ وعَمَّارُ بن ياسِرٍ - رضي الله عنهما -، وكَرِهَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يُزاحِمَه في الثَّنيَّةِ أحَدٌ، فسَمِعَه ناسٌ مِنَ المُنافِقينَ فتَخَلَّفوا، ثُمَّ اتَّبَعَه رَهطٌ مِنَ المُنافِقينَ، فسَمِعَ (١) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِسَّ القَومِ خَلفه، فقالَ لأحَدِ صاحِبيه:"اضرِبْ وُجوهَهُم". فلَمّا سَمِعوا ذَلِكَ، ورأوُا الرَّجُلَ مُقبِلًا نَحوَهُم، وهو حُذَيفَةُ بن اليَمانِ، انحَدَروا جَميعًا، وجَعَلَ الرَّجُلُ يَضرِبُ رَواحِلَهُم، وقالوا: إنَّما نَحنُ أصحابُ أحمدَ. وهُم مُتَلَثِّمونَ لا يُرَى شَئٌ إلا أعيُنُهُم، فجاءَ صاحِبُه بَعدَما انحَدَرَ القَومُ فقالَ:"هَل عَرَفتَ الرَّهطَ؟ ". فقالَ: لا واللهِ يا نَبِيَّ الله، ولَكِنِّي قَد عَرَفتُ رَواحِلَهُم. فانحَدَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الثَّنيَّةِ وقالَ لصاحِبيه:"هَل تَدرونَ ما أرادَ القَومُ؟ أرادوا أن يَزحَمونِي مِنَ الثَّنيَّةِ فيَطرَحونِي مِنها". فقالا: أفَلا تأمُرُنا يا رسولَ اللهِ فنَضرِبَ أعناقَهُم إذا اجتَمَعَ إلَيكَ النَّاسُ؟ فقالَ:"أكره أن يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أن محمدًا قَد وضَعَ يَدَه في أصحابِه يَقتُلُهُم". وذَكَرَ القِصةَ (٢).
١٧٩٢٥ - وأخبرَناه أبو عبد الله الحافظُ، أخبرَنا أبو جَعفَرٍ محمدُ [بن محمدِ](٣) بنِ عبد الله البَغدادِي، حدثنا أبو عُلاثَةَ محمدُ بن عمرِو بنِ خالِدٍ، [حدثنا أبي](٣)، حدثنا ابنُ لَهيعَةَ، عن أبي الأسوَد، عن عُروةَ قال: ورَجَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قافِلًا مِن تَبوكَ إلَى المَدينَة، حتَّى إذا كان ببَعضِ الطَّريقِ مَكَرَ
(١) بعده في س، م: "ذلك". (٢) تقدم في (١٦٩٢٣). (٣) سقط من: م.