"رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا جاء أحدكم [الجمعة](١) فليغتسل" ظاهره أن الغسل بعقب المجيء؛ لأن الفاء للتعقيب، وليس ذلك المراد، بل المعنى والتقدير:"إذا أراد أحدكم" وقد جاء مصرحاً به عند مسلم (٢) بلفظ: "إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل".
ثم الظاهر (٣) أن المراد: إذا جاء أحدكم صلاة الجمعة؛ لأنه الذي ينسب إليه المجيء، لا أن المراد: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة كما قيل، وأنه يدل على أن الغسل لليوم، بل الأول هو الأظهر، وأن الغسل لمجيء الصلاة.
قال ابن دقيق العيد (٤): في الحديث دليل على تعليق الأمر بالغسل بالمجيء إلى الجمعة، واستدل به مالك (٥) على أنه يعتبر أن يكون الغسل متصلاً بالذهاب، ووافقه الأوزاعي والليث والجمهور (٦).
قالوا: يجزيْ من بعد [٣٦٦ ب] الفجر، ويدل له ما أخرجه بن أبي شيبة (٧).
قال الحافظ (٨): بإسناد صحيح، عن عبد الرحمن أبزي وهو صحابي:"أنه كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل".
قلت: الغسل لا ينقضه إلاّ ما يوجبه.
(١) سقطت من (ب). (٢) في صحيحه رقم (٨٤٤). (٣) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٣٥٧). (٤) في "إحكام الأحكام" (٢/ ١٠٩ - ١١٠). (٥) انظر: "بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير" (٢/ ٣٣١). (٦) "فتح الباري" (٢/ ٣٦٣). (٧) في "مصنفه" (٢/ ٩٩). (٨) في "فتح الباري" (٢/ ٣٥٨).