كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير

الباب الثاني: في أسباب النزول - (سورة الشعراء) - ج: 2 - ص: 298

[(سورة الشعراء)]

١ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤] صَعِدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِى: "يَا بَني فِهْرٍ! يَا بَني عَدِيٍّ!، لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَقَالَ: "أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا، قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ يَا مُحَمَّد! أَلهذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)} [المسد: ١] " أخرجه الشيخان (١) والترمذي (٢). [صحيح]

وفي رواية: وَقَدْ تَبَّ.

قوله: "وقد تب" هكذا قرأها (٣) مجاهد والأعمش، وهي - والله أعلم - قراءةً مأخوذة عن ابن مسعود؛ لأن في قراءته ألفاظاً كثيرة تعين على التفسير، وقال مجاهد: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابن عباس لما رجحت أن أسأله عن كثير مما كنت سألته.

فقوله: "وقد تب" أي: خسر (٤) أهله وماله، واليدان آلة الكسب، وأهله وماله مما كسب، والتباب: كالهلاك والخسار لفظاً ومعنى [٣٨٤/ ب].

---

(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٢٧٥٣) بنحوه، ومسلم رقم (٢٠٤، ٢٠٦).
(٢) في "السنن" رقم (٣١٨٥).
قلت: وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (٥/ ٦٥٧) والنسائي رقم (٣٦٤٤ - ٣٦٤٨) وابن حبان رقم (٦٤٦) وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٢٨٢٥) والبيهقي في "الدلائل" (٢/ ١٧٧).
(٣) انظر: "روح المعاني" (٣٠/ ٣٣٧) "الجامع لأحكام القرآن" (٢٠/ ٢٣٨). "معجم القراءات" (١٠/ ٦٢٩ - ٦٣٠).
(٤) قال الأصبهاني في "مفردات ألفاظ القرآن (ص ١٦٢) التبُّ والتباب: الاستمرار في الخسران. وانظر: "النهاية في غريب الحديث" (١/ ١٧٩).