قال القاضي (١): واختلف في هذا المعنى الذي في الكلب حتى منع من دخول الملائكة البيت الذي هو فيه؛ فقيل: لكونها نجسة العين. وقيل: لكونها من الشياطين. وقيل: لأجل النجاسة تعلق بها فإنها تكثر أكل النجاسة وتتلطخ بها فتنجس ما تعلقت به.
وقوله:"ولا تماثيل" في رواية: "ولا تصاوير"، وفي أخرى:"ولا صورة". قال الخطابي (٢): والصورة التي [٣٦٢/ أ] لا تدخل الملائكة البيت التي هي فيه، هو ما يحرم اقتناؤه, وهو أن يكون من الصور التي فيها روح مما لم يقطع رأسه ولم يمتهن.
قال الحافظ في "الفتح"(٣): وقد استشكل كون الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه التصاوير مع قوله تعالى عند ذكر سليمان - عليه السلام -: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ}(٤)[٢٣٧ ب] وقد قال مجاهد: كانت صوراً من نحاس. أخرجه الطبري (٥).
وقال قتادة: كانت من خشب ومن زجاج. أخرجه عبد الرزاق (٦).
والجواب (٧): أن ذلك كان جائزاً في تلك الشريعة, وكانوا يعملون أشكال الأنبياء - عليهم السلام - والصالحين منهم على هيئتهم في العادة ليقتدوا بعبادتهم. وقد قال أبو العالية (٨): لم يكن ذلك في شرعهم حراماً، وقد جاء شرعنا بالنهي عنه. ويحتمل أن يقال: إن التماثيل التي ذكرت
(١) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٦/ ٦٢٩ - ٦٣٠). (٢) في "معالم السنن" (٤/ ٣٨٤). (٣) في "فتح الباري" (١٠/ ٣٨٢). (٤) سورة سبأ: ١٣. (٥) في "جامع البيان" (١٩/ ٢٣٠، ٢٣١). (٦) في تفسيره (٢/ ١٠٤). (٧) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٣٨٢). (٨) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٣٨٢).