وأما عبد الرحمن بن عوف. فكان حاله فيما بسط له حال الأمناء والخزان، يفرقه في سبيل المنعم المنان، يستخير بالله من التفتين فيه والطغيان، وتتصل منه المناحة والأحزان، خوف الانقطاع عن إخوته والأخدان. أدرك الودق، وسبق الرنق. كثير الأموال، متين الحال، تجود يده بالعطيات، وعينه وقلبه بالعبرات، وهو قدوة ذي الثروة والجدات، في الإنفاق على المتقشفين من ذوي الفاقات.
• حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا يزيد بن هارون أخبرنا أبو المعلى الجريري عن ميمون بن مهران عن ابن عمر أن عبد الرحمن بن عوف: قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختاره لكم وأتفضى منها؟ فقال علي: أنا أول من رضي، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول:«أنت أمين في أهل الأرض، وأمين في أهل السماء».
• حدثنا سليمان ابن أحمد ثنا أبو يزيد القراطيسي ثنا أسد بن موسى ثنا عمارة بن زاذان عن ثابت البناني عن أنس بن مالك. قال: بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتا رجت منه المدينة. فقالت: ما هذا؟ قالوا: عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشام وكانت سبعمائة راحلة. فقالت عائشة: أما إني سمعت رسول الله ﷺ يقول «رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا» فبلغ ذلك عبد الرحمن فأتاها فسألها عما بلغه فحدثته. قال: فإني أشهدك أنها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله ﷿.
• حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ثنا أبو حصين الوادعي ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا عبد الله بن جعفر المخزومى حدثتني عمتي أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن أبيها المسور بن مخرمة. قال: باع عبد الرحمن بن عوف أرضا له من عثمان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك المال في بني زهرة، وفقراء المسلمين، وأمهات المؤمنين، وبعث إلى عائشة معي بمال من ذلك المال فقالت عائشة: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه