لأهلها من بعده، وارتفعت رغبته فيما عند إلهه، وكن يقظان إذا نامت عيون الأبرار، حذرا لما هو آت من أمر المعاد، وزلازل الأهوال، حيث لا ينفع أهل ولا ولد ولا مال، وأكحل عينك بملمول (١) الحزن إذا ضحك البطالون، وابك بكاء من قد علم أنه مودع للملم النازل الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد معه، وكن في ذلك صابرا محتسبا، فطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين، فرح من الدنيا بالله يوما فيوما، وذق مذاقة ما قد هرب منك أين طعمه، وما لم يأتك كيف لذته حقا ما أقول لك ما أنت إلا بساعتك ويومك، فرح من الدنيا بالبلغة، وليكفك منها الجشر (٢) الجشيب. قد رأيت إلام تصير، مكتوب عليك ما أخذت وكيف رتعت، فاعمل على حساب فإنك مسئول لو رأت عيناك ما أعددت لأوليائي الصالحين لذاب قلبك، وزهقت نفسك، اشتياقا إليه.
[خزيمة أبو محمد العابد]
ومنهم خزيمة أبو محمد العابد، كان عن الوضيعة حائدا، والى الرفيعة رائدا.
• حدثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن عمر ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ثنا الحسين بن يحيى بن كثير العنبري ثنا خزيمة أبو محمد - وكان من العابدين - قال: دخل أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم على داود الطائي فقال:
ما رأيت أحدا رضي من الدنيا بمثل ما رضيت به؟! فقال: يا يعقوب من رضي بالدنيا بمثل كلها عوضا عن الآخرة فذلك الذي رضي بأقل مما رضيت به.
• حدثنا أبي ثنا أحمد بن محمد ثنا عبد الله بن محمد ثنا الحسن بن محمد بن يحيى بن كثير ثنا أبو محمد خزيمة. قال: قال رجل لمحمد بن واسع: أوصني، قال أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة، قال كيف لي بذلك؟ قال ازهد فى الدنيا.