ومنهم الهائم الحيران، القائم العطشان، هرم بن حيان، عاش في حبه ولهان حرقا، وعاد قبره حين دفن ريان غدقا.
وقد قيل: إن التصوف الاحتراق حذار الافتراق، والاشتياق لدار الاستباق.
• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر حدثني مطر الوراق. قال: بات هرم ابن حيان العبدي عند حممة صاحب رسول الله ﷺ قال: فبات حممة ليلته يبكي كلها حتى أصبح، فلما أصبح قال له هرم: يا حممة ما أبكاك؟ قال ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور فتخرج من فيها، [و] تناثر نجوم السماء فأبكاني ذلك. قال: وكانا يصطحبان أحيانا بالنهار فيأتيان سوق الريحان فيسألان الله تعالى الجنة ويدعوان، ثم يأتيان الحدادين فيتعوذان من النار، ثم يفترقان إلى منازلهما.
• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة قال: ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا سعيد بن سليمان عن يوسف بن عطية قال: ثنا المعلى بن زياد.
قال: كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته؛ عجبت من الجنة كيف ينام طالبها، وعجبت من النار كيف ينام هاربها، ثم قرأ ﴿(أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون)﴾ ثم يقرأ والعصر، وألهاكم، ثم يرجع إلى أهله.
• أخبرنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان بن أبى قال ثنا أبو حمزة العطار قال ثنا إسحاق بن الربيع قال:
ثنا الحسن عن هرم بن حيان العبدي: أنه كان يقول: ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، ولا مثل النار نام هاربها. قال: وكان يقول: أخرجوا من قلوبكم حب الدنيا، وأدخلوا قلوبكم حب الآخرة.