لنفسه في الأمور. ومن علم أن الله هو الضار النافع أسقط مخاوف المخلوقين عن قلبه، وراقب الله في قربه، وطلب الأشياء من معادنها، فاحذر أن تعلق قلبك بمخلوق تعليق خوف أو رجاء، أو تفشي إلى أحد اليوم سرك، أو تشكو إليه بثك، أو تعتمد على إخائه، أو تستريح إليه استراحة تكون فيها موضع شكوى بث، فإن غنيهم فقير في غناه، وفقيرهم ذليل في فقره، وعالمهم جاهل في علمه، فاجر في فعله إلا القليل ممن عصم الله تعالى.
[أبو محرز]
ومنهم من سلك مسالك الأكياس، أبو محرز الحارس للخواطر والأنفاس.
• حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ثنا أبي ثنا أبو بكر بن عبيد قال: حدثني محمد بن الحسين ثنا عون بن عمارة. قال قال أبو محرز الطفاوي: لما بان للأكياس أعلى الدارين منزلة طلبوا العلو بالعلو من الأعمال، وعلموا أن الشيء لا يدرك إلا بأكثر منه، وبذلوا ما عندهم، بذلوا والله لله المهج رجاء الراحة لديه، والفرج في يوم لا يخيب فيه الطالب. وقال أبو محرز: كلفوا بالدنيا ولن ينالوا منها فوق قسمتهم، وأعرضوا عن الآخرة وببغيتها يرجوا العباد نجاة أنفسهم.
[داود بن هلال]
ومنهم النصيبي داود بن هلال. المنقطع إلى الجبال والتلال، كان من المقبلين رافعا، ومن فصول الدنيا واضعا.
• حدثنا أبي ثنا أبو الحسن بن أبان ثنا أبو عبد الله محمد بن سفيان ثنا علي ابن مريم عن زهير بن عباد ثنا داود بن هلال النصيبي قال: مكتوب في صحف إبراهيم ﵇: يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصبحت لهم وتزينت لهم، إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك، ما خلقت خلقا أهون علي منك. كل شأنك صغير وإلى الفناء تصيرين. قضيت عليك من يوم خلقتك أن لا تدومين لأحد ولا يدوم لك أحد وإن بخل صاحبك