• حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال سمعت الجنيد بن محمد يقول حدثني أبو جعفر الخصاف قال قال لي جابر الرحبي يوما وأنا أماشيه: مر بنا نتسابق، مر أنت هكذا حتى أمر أنا هكذا. قال: فمررت أنا على الجسر فلما أبعدت على الجسر التفت فإذا هو يمشي على الماء ينتضح من تحت قدميه مثل ما يخرج الغبار من تحت قدم الماشي. فلما التقينا قلت: من يحسن مثل هذا؟ أمشي على الجسر وتمشي أنت على الماء. قال فقال لي: أوقد رأيتني؟ قال قلت: نعم. قال: أنت رجل صالح.
ومنهم المستأنس بالحق، المستوحش من الخلق، اسمه
خفي، وحاله علوي.
• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد يقول ثنا عبيد البسرى. قال: سألت رجلا بالكام: ما الذي أجلسك في هذا الموضع؟ قال: وما سؤالك عن شيء إن طلبته لم تدركه، وإن لحقته لم تقع عليه؟ قلت: تخبرني ما هو؟ قال علمي بأن مجالسة الله تستغرق نعيم الجنان كلها. قلت: بم؟ قال: أواه، قد كنت أظن أن نفسي ظفرت، ومن الخلق هربت، فإذا أنا كذاب في مقامي، لو كنت محبا لله صادقا ما اطلع علي أحد.
فقلت: أما علمت أن المحبين خلفاء الله في أرضه، مستأنسون بخلقه، يبعثهم على طاعته. قال: فصاح بي صيحة وقال: يا مخدوع لو شممت رائحة الحب، وعاين قلبك ما وراء ذلك من القرب، ما احتجت أن ترى فوق ما رأيت.
ثم قال: يا سماء ويا أرض اشهدا على أنه ما خطر على قلبي ذكر الجنة والنار قط، إن كنت صادقا فأمتنى. فو الله ما سمعت له كلاما بعدها، وخفت أن يسبق إلي الظن من الناس في قتله فتركته ومضيت، فبينا أنا على ذلك إذا أنا بجماعة فقالوا: ما فعل الفتى فكنيت عن ذلك. فقالوا: ارجع فإن الله قد قبضه فصليت معهم عليه. فقلت، لهم: من هذا الرجل ومن أنتم؟ قالوا:
ويحك، هذا رجل به كان يمطر المطر، قلبه على قلب إبراهيم الخليل ﵇، أما رأيته يخبر عن نفسه أن ذكر الجنة والنار ما خطر على قلبه قط؟