وبينكما شيء" فجعل - صلى الله عليه وسلم - الأخذ لهذه عن هذه، وهذه عن هذه بيعاً لأحد الجنسين بالآخر. والله أعلم.
إن قلت: بيع الحنطة مثلاً بالفضة أو الذهب، أيجوز فيه التفاضل والنساء؟
قلت: ظاهر "فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"، وظاهر قوله: "ما لم تفترقا وبينكما"، أنه يجوز [٢٠٣/ ب] التفاضل دون النساء، وأنه لا بُدَّ من التقابض، إلا أنه لما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - مات ودرعه مرهونة في شعير شراه من يهودي (١) دل على تخصيص الطعام بالدراهم بعدم وجوب التقابض، فيكون خاصاً بذلك. [٥٣/ أ].
٣١٥/ ١٧ - وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عبد الله بِنْ نَافِع - رضي الله عنه -: أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلاَمَهُ بِصَاعِ قَمْحٍ فَقَالَ بِعْهُ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيراً فَذَهَبَ الْغُلاَمُ فَأَخَذَ صَاعاً وَزِيَادَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ وَلاَ تَأْخُذنَّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "الطعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ". وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ. فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِهِ قَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارَعَ. أخرجه مسلم (٢). [صحيح].
ومعنى: "يضارع" يشابه.
(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٠٢، ١٣٣) والبخاري رقم (٢٥٠٨) والنسائي رقم (٤٦١٠) وابن ماجه رقم (٢٤٣٧) من حديث أنس، وهو حديث صحيح. ولفظه: "رهن رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - درعاً له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيراً لأهله". وأخرج البخاري رقم (٢٠٥٩) ومسلم رقم (١٢٥/ ١٦٠٣). من حديث عائشة بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد" وهو حديث صحيح. وأخرج البخاري رقم (٤٤٦٧) واللفظ له، ومسلم رقم (١٢٥/ ١٦٠٣). من حديث عائشة بلفظ: "توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير". (٢) في صحيحه رقم (١٥٩٢).