١٢ - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا أَحَدَ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ الله - عز وجل -, إِنَّهُ لَيُشْرَكُ بِهِ، وَيُجْعَلُ لَهُ الوَلَدُ، وُيُعَافِيْهِمْ، وَيَرْزُقْهُمْ". أخرجه الشيخان (١). [صحيح]
قوله:"لا أحد أصبر على أذىً سمعه من الله". المراد به: حبسه العقوبة عن مستحقها وهو الحلم، ثم أبا الأخرى بقوله:"إنَّه ليشرك به، ويجعل له الولد، ويرزقهم" مع ذلك.
"ويعافيهم" وبه يعرف أنَّ صبره تعالى عدم (٢) المعاجلة بعقوبة من يستحقها، بل إحسانه إليه.
قوله:"أخرجه الشيخان".
الثالث عشر: حديث ابن مسعود:
١٣ - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنبِيَاءِ - عليهم السلام - ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ, وَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ:"اللهمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ".
(١) البخاري رقم (٦٠٩٩، ٧٣٧٨)، ومسلم رقم (٤٩/ ٢٨٠٤). (٢) قال الغنيمان في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" (١/ ٩٣). تعليقاً على كلام المازري، وهو قوله: (حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره ....). قلت: "الغنيمان" قوله: فأطلق الصبر على الامتناع في حق الله تعالى، فيه نظر، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطلق على ربه الصبر، وأنه ما أحد أصبر منه، وهو - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بالله تعالى، وأخشاهم له، وأقدرهم على البيان على الحق وأنصحهم للخلق، فلا استدراك عليه, فيجب أن يبقى ما أطلقه - صلى الله عليه وسلم - على الله تعالى بدون تأويل، إلا إذا كان يريد بذلك تفسير معنى الصبر، ولكن الأولى أن يبقى بدون تأويل؛ لأنه واضح ليس بحاجة إلى تفسير. انظر: "شأن الدعاء" للخطابي (ص ٩٨). "الحجة" للأصبهاني (٢/ ٤٥٦).