قال الحافظ ابن حجر (١): هما عمومان تعارضا، الأمر بالصلاة لكل داخل من غير تفصيل، والنهي في أوقات مخصوصة، فلا بد من تخصيص أحد العمومين.
فذهب جمع إلى تخصيص النهي وتعميم الأمر، وهو الأصح [٣٣٤ ب] عند الشافعية (٢)، وذهب جمع إلى عكسه، وهو قول الحنفية (٣) والمالكية (٤). انتهى.
قلت: تقرر في الأصول أن الأمر لجلب المصالح والنهي لدفع المفاسد ودفعها أهم (٥) من جلب المصالح، فالأرجح قول الحنفية.
قوله:"قبل أن يجلس" صرّح جماعة بأنه إذا خالف وجلس لا يشرع له التدارك، وفيه نظر؛ لما رواه ابن حبان في صحيحه (٦) من حديث أبي ذر: "أنه دخل المسجد فقال له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "أركلعت ركعتين؟ " قال: لا، قال: "قم فاركعهما" وترجم له ابن حبان (٧) أن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس.
قلت: يحتمل أنه لم يكن أبو ذر عرف بمشروعيتهما، فلا يستدل به على من جلس عالماً به.
قوله: "أخرجه الستة".
الثاني: حديث (كعب بن مالك)
(١) في "فتح الباري" (١/ ٥٣٨). (٢) "المجموع شرح المهذب" (٣/ ٥٤٣ - ٥٤٥). (٣) انظر: "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٣٩٩). (٤) "مدوَّنة الفقه المالكي وأدلته" (١/ ٤٦٣ - ٤٦٤). (٥) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجم (ص ٨٩ - ٩١). (٦) لم أقف عليه من حديث أبي ذر، والله أعلم. (٧) انظر: "صحيحه" (٦/ ٢٤٩ - ٢٥٠).