أقول: قال الرازي: السحر (١) في عرف الشرع يختص بكل أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع، وإذا أطلق ذم فاعله، وقد يستعمل مقيداً فيما يمدح ويحمد نحو خبر:"إن من البيان لسحراً"(٢)، أو "إن بعض البيان سحراً" لأن بعضه يوضح المشكل، ويكشف عن حقيقة المجمل بحسن بيانه, فيستميل القلوب كما تستمال بالسحر (٣).
قوله:"والكهانة"(٤) أقول: بفتح الكاف ويجوز كسرها: ادعاء علم الغيب.
قال القاضي (٥): كانت الكهانة في العرب على ثلاثة أضرب:
أحدها أن يكون للإنسان ولي من الجن من يخبره بما [٢٦٥ ب] يسترقه من السماء. وهذا القسم بطل من حين مبعث نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
الثاني: أن يخبره بما يطرأ ويكون في أقطار الأرض، وما خفي [عليه](٦) مما قرب أو بعد. وهذا لا يبعد وقوعه، [ومنعت](٧) المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما، ولا
(١) انظر: "الكليات" (٣/ ٥)، "مفردات ألفاظ القرآن" (٣٣١)، "التعريفات" (ص ٣٩٩). (٢) أخرجه البخاري رقم (٥٧٦٧)، ومسلم رقم (٢٠٠٦). (٣) انظر: "النهاية" (١/ ٧٥٩) (٤) قال ابن الأثير في "النهاية" (٢/ ٥٧٣): الكاهن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار. وانظر: "المجموع المغيث" (٣/ ٩٤). (٥) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٧/ ١٥٤). (٦) كذا في (أ. ب)، والذي في "الإكمال": "عنه". (٧) كذا في (أ. ب)، والذي في "الإكمال": "ونفت".